«أنا من بلاد كلما حننت إليها أحرقت مراكبي»
هذا ما كتبته قبل سنوات خلت، وأتذكره اليوم وأنا أتابع أخبار ندوة المفكر والأديب والباحث المصري «يوسف زيدان» التي كان مقررا إقامتها في الكويت، حتى تدخل البعض من أجل منع إقامتها، واستجابت لهم مع الأسف وزارة الداخلية وتم منعها.
إننا أمام داهية دهياء وبلية سوداء وليال ظلماء تعقبها ليال ظلماء.
وهذا ما يجدد تمسكي بعبارتي التي توجت بها هذه المقالة والتي أتمنى فيما بقي لي من عمر أن يجيء اليوم الذي أندم فيه على كتابتها، وأن تتغير الأمور في بلادي وتعود إلى جادة النور والحق والصواب التي غادرتها منذ عقود وسارت في دروب الظلام، وهذا ما سيجعلني أطير شوقا إلى بلادي ولا أنتظر المراكب الزاحفة على سطح الماء.
على وزارة الداخلية ألا تتعامل على أنها حارس «دروازة» كل دورها هو أن تفتح أبواب الدروازة وتغلقها.
لقد غدت الكويت دولة وولّى زمن الدروازة وباتت الدروازات أثرا لا يمنع ولا يسمح، وعلى وزارة الداخلية أن تكبر مع الدولة وأن تنسى أنها حارس دروازة.
إن الكويت للجميع، وليس من حق كائن من كان أن يتحكم بمن يدخل البلاد ومن لابد من منعه، وما هو المسموح وما هو الممنوع من المحاضرات والكتب وشتى أنواع الإبداع، لأن الكويت ليست حظيرة أغنام، والكويتيون ليسوا أغناما.
قبل أشهر رحلت وزارة الداخلية وبناء على طلب الغاطسين في الظلام الباحث المصري «أحمد سعد زايد» وهو ضيف الكويت وجاءها بناء على دعوة من جهة كويتية معترف بها، ولم يتسور أسوارها خلسة في ليل بهيم، ثم يتكرر اليوم أمر مشابه ضد الباحث والمفكر المصري «يوسف زيدان» ما قد يفسر على أنه موقف ضد جمهورية مصر وإساءة لمفكريها ومثقفيها.
كان الأحرى بالمطالبين بمنع إقامة ندوة «يوسف زيدان» أن يكونوا هم أول حضورها وأن يحتلوا الصفوف الأولى في قاعة الندوة حتى تتفتح مداركهم ويعرفوا ما لا يعرفون ويتعلموا ما لا يعلمون، فإن كانوا هم من أعداء القراءة والثقافة والفكر فقد جاء من يثقفهم، فلماذا هم مصرون على جهلهم وتجهيل غيرهم؟
[email protected]