الرأي الطائش غير المتعقل يصيب صاحبه بالضرر قبل أن يصيب الآخرين.
كنت أقرأ مقالة «متشائمة» نوعا ما عن حال الاقتصاد في مصر حاليا وأنه قد يزداد سوءا وهكذا..
بالطبع لم أكن سعيدا بما كنت أقرأ بل وامتعضت مما ورد في تلك المقالة من تفاصيل، رغم أنها تفاصيل افتراضية ولا تتحدث عن واقع على الأرض.
وكان هناك من قال تعقيبا على ما ورد في المقالة من تشاؤم وسوداوية: إن المطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه في مصر ملأى بالرواد، ما يدحض القول بسوء الوضع الاقتصادي في مصر.
ولكن جاءت الردود على هذا الرأي عاصفة وشديدة القسوة، فراح أصحابها يصفون رواد تلك الأماكن، بأنهم فاسدون وسراق وأعداء للثورة وعملاء للنظام السابق وما إلى ذلك من اتهامات عشوائية لم تترك بريئا إلا وأصابته بنيرانها الحارقة.
فهل أنصف المعلقون أم تجنوا وظلموا وجاوزوا الحقيقة؟
في رأيي أنهم تجنوا وما أنصفوا، وجاوزوا الحقيقة وما أحقوا، وظلموا وما عدلوا.
الذهاب إلى تلك الأماكن وإن كانت مكلفة ماليا نوعا ما فإن بمقدور الكثيرين من المنتمين إلى شرائح عديدة في المجتمع المصري، تحمل مثل هذه الكلفة وليس فقط الأغنياء.
الأطباء والمهندسون والمحامون والموظفون الكبار والمصرفيون والتجار والحرفيون والعاملون في الخارج، وشرائح أخرى كثيرة بإمكانها التمتع بتلك الأماكن.
إذن الأمر ليس كما صوره أولئك البعض الذين لم يترووا ولم يتريثوا وسارعوا إلى سل سيوفهم من أغمادها ليطعنوا الأبرياء ويسيلوا دماء الحقيقة.
ولعل أكثر ما يؤلمني هو ما راج بين الكثيرين واستقر في أذهانهم ودرج فيها مدارج الحقيقة، وهو أن كل غني فاسد وكل رجل أعمال مرتش ونصاب وكل ذي يسرة لص!
ان كان هناك بين الأغنياء ورجال الأعمال من هم فاسدون، فهذا لا يعني التعميم ولا يشمل الكل، فهناك بينهم شرفاء ونبلاء ووطنيون ومحاربون للفساد، ولقد اغتنوا باخلاصهم وصدقهم وحسن إدارتهم وقدراتهم العقلية ولم يغتنوا عن طرق غير مشروعة.
وعلى أولئك المتحمسين والذين وصفوا الأغنياء بأنهم عملاء للنظام السابق وأنهم ضد الثورة، أن يتذكروا أن من كان يمول المتجمعين في ميدان التحرير في ثورة يناير هم مجموعة من رجال الأعمال والأثرياء.
[email protected]