لعبة كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في العالم، لذلك فإن النوادي الشهيرة التي تضم اللاعبين الجيدين والمميزين هي ممالك صغيرة، بميزانيات ضخمة، واللاعبون الجيدون يحصدون أموالا بأرقام كثيرة الأصفار ويعتبرون من كبار الأغنياء.
ويقام لهذه الساحرة المستديرة عرس عالمي كل أربع سنوات تشارك فيه الفرق التي أدت أداء جيدا وحصدت الفوز الذي أهلها بلوغ هذا العرس الكروي كأس العالم أو المونديال.
وعامنا هذا هو عام هذا العرس الذي أقيم في روسيا وهفت إليه القلوب وطارت إليه العيون من شتى بقاع الأرض، فالكل مشغول ومهموم بفريقه الذي يتابعه ويتمنى له الفوز واكتساح الفرق الأخرى والحصول على الكأس الذهبية.
كل هذا جميل وسليم وزين، ولكن هناك ما لفت نظري وبالتأكيد التفت إليه كثيرون غيري، وهي ظاهرة أظنها عربية فقط ولا تبرح ديارنا المعززة المكرمة الأبية، وملخص هذه الظاهرة أن بعض العرب من محبي كرة القدم ومتابعي مباريات كأس العالم، يشاهدون تلك المباريات من خلال منظور تاريخي وبعدسات خارقة للأزمنة وقادرة على العودة بهم إلى الوراء لا لمشاهدة المباراة التي تجري وقائعها أمامهم، ولكن ليشاهدوا مباريات أخرى تاريخية جرت أحداثها قبل مائة عام وربما أكثر أو أقل قليلا!
نعم رغم غرابة الأمر فهو واقع وحقيقي، وللإيضاح والشرح والتفسير، أقول: إن بعض المشاهدين العرب الكرام يتابعون المباريات من خلال تقييمهم لهوية الفريق الذي يلعب وجنسيته وإلى أي بلد ينتمي، ولا يشاهدون المباراة بعين الهاوي والمحب لكرة القدم وأصولها وفنونها ومهارة لاعبيها.
فمثلا إذا ما كان الفريق الذي يلعب فريقا انجليزيا، فإن البعض يتمنى له الخسارة ويتمنى الفوز للفريق المنافس حتى لو أن الإنجليز كانوا أفضل لعبا وإتقانا، لماذا؟ لأن هذا البعض العربي المحترم ينظر لماضي الانجليز السياسي الاستعماري وتاريخ إنجلترا في بلاده وما إلى ذلك.
وطبعا هذا الأمر ليس مقتصرا على الفريق الإنجليزي، لأن بعضا آخر يتخذ الموقف نفسه ولكن مع الفريق الفرنسي أو الأميركي أو الروسي.. إلى آخره.
يا ناس.. كرة القدم لها فنونها وفتنتها، فتمتعوا بها من هذه الزاوية، ولا تنظروا إليها بمنظور سياسي يفسد عليكم متعتكم.
[email protected]