أن يفيض الطيش بصبي أرعن، ليس له من الحياة الا نعومة أظافره، وطفولة لحيته ونعومة شواربه، فيرد على عالم تعلّم فعلِم وعلّم، فإن ذلك دليل نقيصة في هذا الدهر الذي نعيشه فيطيش فيه صغارنا، ويتكابرون على كبارنا.
حين أصدر الشيخ المكي رئيس هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة، فتواه بجواز الاختلاط بين الذكور والاناث، وفق ضوابط ذكرها، وفند آراء القائلين بغير ذلك وردها، مستشهدا بصحيح الدين وما سار عليه السلف، يأتي صبي غرٌ ما غادر مبلغه الحلم الا سنوات بأصابع الكف الواحدة، ليفند فتوى الشيخ الجليل ويردها ويسفهها.
والغريب ان هذا الصبي التلميذ الذي مازال على مقعده الدراسي يذاكر دروسه، فيجهل ما قرأ وما درس، يرد على الشيخ الذي شيب الليالي درسا وعلما وتقلد منصبه الرفيع، مدفوعا بما خزن من علم واكتنز من معرفة بالدين.
والاغرب والادهى والامرّ، ان تقوم صحفنا بنشر تقولات ذلك الصبي، وتبرزها في صفحاتها الاولى، وكأن من تفوه بها، عَلَمٌ او عالم او شيخ يُطلب رأيه!
يالرداءة الزمن الذي نعيش، المليء بالشياطين الخرس الساكتين عن الحق فيتركون ذلك الصبي في غيه فلا يلطمونه على فيه او يقطعون شأفة لسانه كي يخرس خرس العمياء البكماء الخرساء، حتى يتعلم الاغرار ان لهم حدودا يجب الا يتجاوزوها، وآدابا يجب ان يتحلوا بها، واخلاقا تلزمهم بطأطأة رؤوسهم حين يتحدث العلماء، ويتكلم الكبار.
لله الشكوى واليه المشتكى.