توقفت في المقالة السابقة عند اتهام مصطفى حمام لعباس محمود العقاد بالسرقة الشعرية، وهذه قصتها.
هجا العقاد زعيما سياسيا بعد أن كان يمتدحه فكتب:
«ماذا أقول لهذه اليمين
وإني بها قد صنعت الصنم»
فخرج حمام ليقول إن العقاد سطا على هذا البيت من الشاعر القديم «التلعفري» وأورد بيت «التلعفري»:
«لا لوم على كفي وما صنعت
اني صنعت بكفي ذلك الصنم»
فجن جنون العقاد ونفى ذلك الاتهام وراح يبحث في شعر «التلعفري» عله يجد ذلك البيت ولكنه لم يعثر على شيء، لأن «حمام» هو من ألف ذلك البيت لمداعبة العقاد.
وفعل ذلك أيضا مع «زكي مبارك» الذي كتب:
«تنظر الساعة من حين لحين
ليت شعري ما الذي يستعجلك
إن هذا الوصل أحلام السنين
فاتق الحب ودع ما يشغلك»
فاتهمه «حمام» بالسرقة من الشاعر «ابن حمديس»:
«ترقب الكوكب حينا بعد حين
يا حبيبي أي هم يشغلك
كيف تستعجل أحلام السنين
فاتق الحب ودع ما يشغلك»
وأيضا لم يكن البيتان لابن حمديس، بل كانا لحمام نفسه.
وسار على ذاك المنوال كثيرا حيث كان يؤلف قصائد تحاكي قصائد العرب القدماء وينسبها إلى شعراء من ذلك العصر.
كان يكتب بمفرده مجلة كاملة بمختلف أبوابها، سياسة واقتصاد وفن ورياضة وما يخص المرأة والطفل وحتى الأبراج ورسائل القراء والردود عليها.
وكان يستعان به من قبل السياسيين وزعماء الأحزاب ليكتب خطبهم، فيكتب الخطبة مقابل جنيه واحد.
وكثيرا ما كان يكتب مقالة باسمه في جريدة ما ويهاجمها باسم آخر في صحيفة أخرى.
وكان حمام يتمتع بذاكرة قوية يحفظ ما يقرؤه حفظا تاما، حتى ان صديقه الشاعر «بيرم التونسي» كان يستعين به لتذكيره بأبيات قالها ولم يكتبها فيجدها في ذاكرة حمام.
كان خطيبا في ثورة 1919 رغم صغر سنه حيث كان المتظاهرون يرفعونه على أكتافهم ليخطب ضد الانجليز ويثير حماسة المتظاهرين، وكان حينها يتلقى الدعم المادي من الملك فؤاد تتمة لما كان يفعله السلطان حسين كامل فاستدعاه الملك ووبخه على دوره في المظاهرات وهدده بسحب الإعانة عنه، فلم يأبه وآثر الوقوف مع الشعب رغم خسارته العطف الملكي.
ذلك هو محمد مصطفى حمام وسيرته أغنى من ذلك، وأصعب من أن تختزل في مقالين، رحمه الله.
[email protected]