صالح الشايجي
الجسـد مجرد خادم للنفس، او للروح الانسـانية، وعاء يحوي هذه النفس، مساحة تجول بها الروح.
النفس اذن مــقـدمــة على الجــسـد، وهي مــحل الصدارة، ولكن ما شأن الانسان وقد انصرف عن تلك الحـقـيقـة السـاطعـة، ليـغـيّب الروح او النفس عن اهتماماته، وينشَدّ فقـط الى الجسد من حيث الاهتمام والعناية به والحرص والصرف عليه؟!
كلنا كـبـشـر نهـتم بصـحـتنا الجـسـدية، نراجع الاطباء، نسـتهدي بارشـاداتهم وتعاليمـهم، نتوقف عن التـدخين اذا ما خـوفنا الطبـيب من خطورته على اجسادنا، نخضع لعمليات خطيرة ومكلفة اذا ما رأى الطب ضرورة خـضوعنا لتلك العمليات حـفاظا على صـحـتنا الجـسـدية، نتـابع مـا يكتب عن الصـحـة، نتداوى. . نتعافى. . نتشافى جسديا!
ولكن مـاذا عن صـحـتنا النفـسـيـة؟ لا شيء ابدا، نهملـها، نتجـاهلها، ننسى او نتناسـى او ربما نجهل اهميتها او تفوّق اهميـتها على الصحة الجسدية! من منا يحاول الابتعـاد عن المنغصات والامور المسـتفزة والمثـيـرة للاعـصـاب، ويبـحث عـن مناطق الراحـة والهـدوء النفـسي التي تنعكس ايجـابيـا على حيـاة الانســان؟
مـن منا يبــحـث عن الضــحـك والظرف والجمـال وما يغـذي النفس ويدفع بها الى الانتـشاء والراحة؟ قليل منا من يفعل ذلك، بل ربما كان القادرون فقط هم الذين يتـجنبون مناطق التـوتر والتأزم ويـفرون الى مناطق الراحة والانـتشاء! وهذا الفـرار قد يكون مـعنويا وليـس بالضـرورة جـسـديا، اي الانتـقـال الروحي او المعنوي عن بؤر التوتر وتحاشيها، وذلك لاننا خـلقنا وعــشنا وورثنا ثـقـافــات وتقــاليــد وموروثات تؤصل فينا روح الـتوتر والمشاحنة وكل ما يضر صحتنا النفسية، وهذه مسؤولية الحكومات التي تملك القـرار بجـعل مجـتـمعـاتهـا بؤر توتر او مناطق راحة واسـتشفاء نفـسي، والحكومات التي لا تملك القـدرة على احتواء شـعوبهـا احتـواء نفسـيا، وغـيـر المالكة للرؤية الحـقـيـقـيـة لممـارسـة الدور القـيـادي، يؤدي عـجزها ذاك الـى توتيـر شعـوبهـا وتأزيمهم النفسي!
والفرد ـ بذلك ـ ضحـية لحكومته التي تسارع في افتـتاح المستشفـيات، وتتناسى انها السبب الوحيد في اعتلال صحة شعوبها النفسية!