صالح الشايجي
على مـقاعـد الدراسة في مـدرسـة حولي وتحت خـيمـة العلم، تجاورت مع «يحيى الربيعان» المنكوب الآن في «مكتبته» و«كتبه»، تلك الجيـرة تعود إلى أكثر من خـمسين عاما مـضت، تغيرت فيـها الأحوال كثيرا وكثيرا وكثيرا. .
وقبل ما يقارب الثلاثين عـاما، 1979، زرت «يحيى» في مكتبه في المجلس الوطني للثـقـافـة والفنون والآداب، حين كان «اسـمـا على مـسـمى» وقبل أن يـزري به الدهر ـ المجلس ـ ويحـيله إلى هشـيم تذروه الرياح و«فـاروق يوسـف» ممجـد صـدام حـسين وتابعـه وملمـعه ولاعق حذائـه، والذي دعاه المجلس كـضيف من ضـيوف مهرجان «القرين» الأخير، ليـعلم الشعب الكويتي والمقيمين الشرفاء فضائل صدام حسين التي لم نعرفها!
كان سبب زيارتي لـ «يحيى» في مـعقله الوظيفي، طرحي عليه أول كتاب أصدرته عامذاك، وما إذا كان المجلس يشتـري نسخا منه من باب «التـشجـيع» ـ أولا ـ ومن باب خـدمـة الثقـافـة الكويتيـة وحفظها ـ ثانيا ـ ولكن «يحيى» اعتذر عن عدم «الاقتناء» لان كتابي لا يرقى لان يكون من «مقـتنيات» المجلس!
ولما كنت وقتهـا أحبو في عـالم الكتابة وعظمي أطرى مـن قلب دجاجـة مصـابة بـ «أنفلونزا الطيور» ولـساني اقصـر من لسان النملة الخـرساء، وخـجولا ولا أجادل أو أحاجج أصحاب «العلم» و«التخصص» فـقد شكرته على تهذيبه وهو يعتذر مني وخرجت من مكتبه، ولم اطرق بابه ثانية!
خمسون عـاما وأكثر، ثم قرابة الثلاثين عـاما، تلك تواريخ أكلها الزمن فما شأنك تعيد للدنيا «حديث السندباد»؟ الإعادة أيها السـادة لها أسباب كثـيرة، منها تأكيـدي على رفعة أخلاق «يحـيى» وتهذيبه، وثانيـها قصة من الواقـع، أما ثالثها فـما نشر حول تصـفية «مكتبة الربيـعان» لصاحبها «يحـيى» ومجزرة الكتب وتحولها إلى سلع «كماليـة» متساوية الأسعار «ربع دينار» لـ«الزين» و«الشين»!
أيضا. . وأيضا، لا عـلاقة لي بالموضـوع فـ «يحيى» الذي تحـول للتجارة خسر، شأنه شأن كثـيرين تاجروا وفشلت تجارتهم، وأقاموا مآدب الندب واللطم، أما علاقتي الحقيـقية في هذه القضية و«الشاهد» فيها، وحـسبما سمعت وعرفت من زوار «مجـزرة» الكتب الربيعانية، إن كتابي الذي رفضه «يحيى» حين كان مسؤولا في المجلس الوطني، هو احد أشلاء «الجزرة الربيعانية» ويباع بـ «ربع دينار»!
كيف اقـتنع «يحيى» بكتابي بعـد هذا العمر، ليصـبح واحدا من «مقـتنياته» واحد الضحـايا التي يستدر بهـا دمع الأمة على الواقع الثقافي في البلاد؟ ثم كيف وصل كتابي إلى «يحـيى» التاجر ليبيعه وأنا آخر من يعلم؟!
وأخيرا، أين حقي؟ ولكن تهذيب «يـحيى» يجبرني على أن أقول له: عليك بالعافية وأنا متنازل عـن حقي! ولكن هلا أعطيتني نسخة من «كتابي»؟