صالح الشايجي
الشـعـار القائل «الإسـلام هو الحل» والذي تـرفعـه بعض الجماعـات الإسلامية أو ـ ربما ـ كلهـا، هو شعار صـحيح ولا غـبار عليـه ولا مـثلب فيـه ولا منازع على صحته.
جاء الإسلام وحل مشاكل ووضع أسسا لمجتمع كان بلا قواعـد ولا شريعة ولا قانون، أهـل ذاك المجتمع لم يكونوا ـ مـثل بـقـيـة الأمم ـ قـد توافـقـوا على نظم وقوانين ترتب أمورهم الحياتيـة، بل كانوا مجرد قبائل تسير وفق الشرائع الغـريزية لا وفق سنن علمية تنظم حياة البشر من حيث الحقوق والواجبات والأدوار التي يجب عليهم القيـام بها، وماهية حفظ الحـقوق وما إلى ذلك. . !
جـاء الإسلام ليـجعل لذلك المجتمع قوانين ونظمـا وهذّب في السلـوك البـشـري وأقـام السـنن والشـرائع ليقـضي على كل ذلك الشعـور الغريزي السـائد فوضع الحلول والقـواعد، فكان الإسلام حـلا، وليس من مكابر يدعي عـكس ذلك.
ولكن المـشكلة تـكمن في «المسـلمين» أنفسهم الذين تجاوزوا في فهم الإسلام، أو أشكل عليهم فهمه فحملوه ما لا يحتمل وأقاموا سدا منيعا بينه وبين البشـر، وتنازعوه كفرق، كل فـرقة تدعي أنها «الفـرقة الناجـية»، وإنها الأكـثر فـهمـا لسـلام والتزامـا به، وحـولوه من دين «شرائع» وقـوانين ونظم ومن مـعنى سـام حل مــشكلات أهل عـصـره، إلى تـطاحن وتنازع ودماء وحروب ومكاسب!
من الأخطاء الجسـيمة التي وقع فيهـا المسلمون أنهم خلطـوا الخــاص بالعـــام، وخلطوا بـين الإســلام كـ «مقدس» وصلاحيتـه لتبرير الحروب وتحقيق المكاسب ومجافاة الواقع وذريعة للنكوص والتراجع تحت حُجة الحلال والحرام، وفتحوا باب الاجتهاد ثم أغلقوه بعدما احـتكـره بعض الأئــمـة ونـامـوا علـيــه، وتوارثـت الأجيال أقوال أولئك الأئمة والفـقهاء وجعلوها دستورا لهم، بجـعلها «مـذكرات تفـسيـرية» للقرآن أو الإسـلام ككل.
هنا تحـول المسـلمـون إلى مـشكلة تـوارثتـهـا الأمم الإسلامية، وغـاب الإسلام وانتصب المسلمون الذين هم المشكلة الحقيقية التـي وقفت في وجه الإسلام وفصلته عن الحياة وعن البشر.
الإسـلام هو الحل إذا مـا ابتـعـد عنه المسلمـون ولم يحـتكروه، ليصـبح شـأنه شأن الأديان الأخـرى، دينا للحـياة في كل عـصـورها وللبشـر في كل أصـقاعـهم، وليس بابا أو ذريعة للمتخلفين أو للانتهازيين!