صالح الشايجي
أن أكون مظلوما، خيـر وأحب إلى نفسي من أكون ظالما! ذلك ليس من باب التباهي ولكن ذلك هو طبعي. فـان كنت مظلومـا قد لا أستطيع النـوم ليلة يأكلني خلالهـا القهر وينـهش كبدي داؤه، أما أن أكون ظالما فقد لا أنام أو اهنأ لحظة واحدة في عمري!
ضحـى الثلاثاء الفـائت، رن جرس هاتفي النقـال، وكان على الطرف الآخر صوت دافئ أحسست بنبرات الحب والصدق فيه، عرفني بنفسه ثم دعاني لزيارته في «النيـابة العـامـة» بسـبب قضـيـة صـحافـيـة! اسـتـغربت الأمر، فلقـد تعـودت أن إدارة جـريدتي «الأنباء» هي التي تتـولى الأمر فيما يخـص القضايا الصحافية، ولكنه افهمني أن الأمر ليس خاصا بمقالة كتبـتها، بل خاص بلقـاء صحافي جرى مـعي قبل ما يزيد عن ستة اشهر أو نحو ذلك!
فوجئت بأن الشكوى المقدمة ضدي هي من شخص لا اعرفه ولم آت على ذكره في ذلك اللقاء، واختصمني على آرائي التي لم تعجبه في اللقاء المذكور!
يا «غـافلين لكم الله» كـيف يكون احـدنا عرضـة للدعـاوى والتحـقيق والنيـابة من قبل ضـال أو ابن سبـيل أو سفـيه، قـد تختـزن نفسـه السـوء الأسود وينطوي قلبه على أحقاد مـدمرة لذاته، ثم أراد تدمير غيره بها، أو انه ظن ذلك وسولت له أحقاده ذلك؟!
حـينما نطبق الاحـتمـاء بالدستـور وبنصوصـه الداعـية إلى كـفالـة إبداء الرأي والحرية في القـول، فإننا بذلك نحمي الدستور بتـفعيل بنوده والتصديق بها، ولـم نخرج عنه أو نخـرق عبـاءته أو نحرقـها!
وذلك ما فـعلته أنا فبأي حق يسـعى ساع في الظلام مغمض العينين مرتجف الأوصال مسود القلب، راميا بسهامه أكباد الشرفاء وأبناء الأرض، قاصدا إقعادهم عن واجب وطني وإنساني وحـياتي؟! كـيف يبـيح القانون لكـل فاقد صـفة أن يشغل الـقضاء وأجهزة الدولة بما لا يـجب أن تنشــغل به؟
كــيف يســمح بمطاردة الأحرار والشرفاء بقصـد لجمهم، أو تقصير دورهم إزاء أهلهم وناسهم ومجتمعهم ووطنهم؟ لن نعـيش بالظلام، مادمـنا قادرين على صناعـة الضـوء وتحرير بقع الظـلام، وإنني لأدعو الضـالين جمـيعـا المتسـترين بظلال العـتمـة إلى بقعـة النور ليحسوا أن لحياتهم فائدة!
أحمد الله أنني مظلوم ولست بظالم!