إنه عضو بجسم الإنسان لا يزيد طوله على 10سم، ساق الملايين إلى نار جهنم وبئس المهاد، وأدخل الملايين جنة الفردوس دار الميعاد. إنه سلاح ذو حدين، بل كالنفس التي قال فيها عز وجل (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها). فهذا العضو الصغير إما يفجر وإما يتقي الله، وهو «حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك»، ذلك «اللسان» كم أشعل الحروب، وأثار الفتن وفرق بين المرء وزوجه بكلمة «طالق»، إنه كالعملة ذات الوجهين فبالدينار تزكي وتتصدق وتأكل وتتعالج، وبنفس الدينار تحارب الله بالربا والحرام وتأتي الكبائر والمنكرات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تذكر اللسان، تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا».
إن ما تشهده الكويت هذه الأيام سببه زلات اللسان، فكم كلمة أثارت الغضب، وكم رد عليها زاد النار حطبا، فاللسان هو اللسان، منذ عهد أبينا آدم واحد لكل إنسان، ولكن الفرق الآن انه أصبح للإنسان ألف لسان، فالإعلام من صحافة وتلفزيون و«نت» أصبح كالصدى يردد الكلام، بل لسان آخر يحرف الكلام، حسب غايات وسائل الإعلام، فيجرح ويطعن، ويغتاب ويفتن، وينكأ الجروح. نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل قائلا: «كف عليك هذا ـ وأشار إلى لسانه ـ فقال معاذ وإنا لمؤاخذون بما نتكلم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس بالنار على مناخرهم إلا حصاد ألسنتهم».
إن ما أصاب وطني الحنون ما هو إلا حصاد ألسنتنا، تطاولنا على «ولي أمرنا» فتطاول علينا الرعاع ونفثوا سمومهم بجسد مجتمعنا فتفكك إلى فئات وطوائف، إن اللسان كالريموت يجمع الشعوب ويفرقها، ويلعب بالعواطف ويؤججها. فاضبطوا ألسنتكم، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تتلفظوا، فما كان خيرا فتكلموا وما كان سوءا فدعوه، واحذروا من آفات اللسان فإنها لاتزال بالمرء حتى تهلكه. قال صلى الله عليه وسلم: «أكثر خطايا ابن آدم من لسانه».
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
إني أخاطب «ولي الأمر» وهو أحب مسمى إلى قلبي من غيره، فمسمى «ولي الأمر» ذكر في القرآن الكريم واقترن برسول الله، فالله سبحانه كرر الطاعة مرتين، الأولى له خاصة، والثانية مشتركة بين الرسول وولي الأمر (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). فكم تمنيت أن يضاف مسمى «ولي الأمر» لمقام صاحب السمو، وليكن «حضرة صاحب السمو ولي الأمر الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله» وهذا الاستحداث ليس بجديد فقد ألغى الأمير الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد كلمة «المعظم» واستبدل المغفور له الملك فهد مسمى «جلالة الملك» بمسمى «خادم الحرمين الشريفين».. وهذه التغيرات فيها نفحة إيمانية، «فالمعظم، والجلالة، والملك» من صفات الله سبحانه، ومسمى «ولي الأمر» مسمى اختاره رب العزة والجلالة للقادة والرؤساء فهو مسمى رباني مبارك.
يقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
[email protected]