كنت من أوائل المتحمسين لإقالة وزير الداخلية منذ أن أصدر قرارا إداريا ظلم فيه واحدا من أقرب الناس لي بطريقة أفلام الأبيض والأسود، عندها بدأت أتابع قراراته وأسلوبه في الإدارة، رأيت العجب، وعجزت عن تعداد أخطائه وغرابتها، بداية من التأبين عندما أجج المجتمع إعلاميا ضد التأبين ثم رفع شكوى قضائية ضد المؤبنين، ولما انقسم الشعب مع وضد تراجع وانسل وسحب الشكوى (ربما أوامر).
تقدم لمجلس الوزراء بطلب تجنيس ياسر الصبيح (لقناعته) فصدر مرسوم أميري بتجنيس الصبيح، وبعد أيام تقدم الوزير لنفس مجلس الوزراء بالتراجع طالبا سحب جنسية الصبيح فصدر مرسوم أميري آخر بسحب الجنسية(ربما أوامر).
ظهرت قصة السيد ألفالي سمح له بدخول الكويت، فدخل، ثم تراجع الوزير وأبعد السيد الفالي (ربما أوامر من...). وما أحداث الصباحية، وصباح الناصر، والعارضية من الأمور البسيطة(ربما أوامر).
وما استجواب الوزير بمجلس الأمة حول صفقة الخمسة ملايين لإعلانات الانتخابات وما رافقها من تحويل مبهم للنيابة، ثم قصة معاقبة الدكتور رئيس تحقيق الجهراء لأنه أدى واجبه، ثم أحداث الصليبخات المشؤومة (ربما أوامر).
وأخيرا وليس آخرا حادثة التعذيب حتى الموت لمحمد المطيري.. كل هذه الأحداث تجعل أي إنسان بالعالم يقتنع ويتحمس لإقالة الوزير، أعتقد أن كل ما سبق يعطيني العذر باتخاذ هذا الرأي. ولكن بعد ما حدث للوزير في جلسة مجلس الأمة حين تم توريطه بكتاب تبرير مفبرك بعيد عن الحقيقة أعطى انطباعا لمن سمعه أن الوزير «آخر من يعلم» عندها تعاطفت مع الوزير الذي اهتزت مشاعره وأحاسيسه، وشعر الناس بـ «عودة الروح» للوزير، ثم تكشفت الحقائق، وظهرت الاعترافات، وتمت الإدانة، فاكتشف الوزير أن بعض من حوله ومن كان يعتقد أنهم أعوانه هم في الحقيقة «الإخوة الأعداء» عندها بدأ الوزير أولا بالصدق مع نفسه، وأخذ يتأمل فرأى أن الإصلاح يبدأ بتقديم استقالته فهي الخطوة الأولى، فإن قبلت فقد أراح ضميره وبدنه، وان رفضت فقد أعطي ثقة اضافية، وتكليف مغلظ، يمنحه الشجاعة باتخاذ قرارات حاسمة.
جاء قرار مجلس الوزراء برفض الاستقالة وتجديد الثقة، فبدأ الآن يمسك بزمام وزارته، ووضعها تحت الميكروسكوب، ليكتشف ما لم يكن بالحسبان، فلجأ للقيادة العليا وأخذ منها الضوء الأخضر، وأصبحت قراراته تحمل شخصيته، وتصدر منه عن قناعة تامة، ولاحظ المواطنون ان ما أصاب الوزير من خيبة أمل في أعوانه ومساعديه، جعله كطائر الفينيق، يبدأ من الصفر لتطهير الوزارة، وأخذ على نفسه عهدا بأن يقتص لكل مظلوم، لقد كشر الوزير -المجروح من أعوانه- عن أنيابه، وأصبح شخصا آخر، يعتز برأيه ويطبقه، ويعمل لآخرته قبل دنياه، انه معالي وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد الصباح، الذي أجزم الآن ـ وأركز على «الآن» ـ انه سيكون الأفضل للوزارة لأنه نكش عش الدبابير واصابته اللسعات، واقتحم الجانب المظلم والمر في الوزارة، فزاده حماسهة وإصرارا وتحديا ليعيد الوجه الجميل للوزارة، فدعوه يكمل مشواره بالتطهير والإصلاح ما دام في قلبه الحماسة والهمة والإصرار حتى يندمل جرحه ويسترد نقاهته، إن أي وزير جديد يأتي «الآن» فلن يبدأ بما يفعله الوزير حاليا من «معركة الكرامة» للوزارة، فيا نوابنا الكرام بمجلس الأمة إذا كنتم تعتقدون إنكم رأيتم الجانب المظلم من سياسة الوزير فإني اجزم من «الآن» وبعد تقديم استقالته ورفضها إنكم سترون الجانب المضيء والمشرق من سياسة الوزير الخالد «بعد التعديل».
[email protected]