لا، ثم ألف لا.. إنها مصر وليست تونس، إنها مصر وليست أي دولة بالعالم، إنها أم الدنيا، إنها مصر الحضارة، يا إخوتي في العروبة والدين يا شباب مصر، إن مصر العظيمة تقلد (بفتح اللام «توقلاد»). ولا تقلد «بكسر اللام»، مصر تتبع «بضم التاء»، ولا تتبع «بفتح التاء».
مصر تعطي دروسا وعبرا، ولا تتلقى تافهات القول، اصحوا يا شباب النيل إن أعداء مصر كثر (أكثر مما تعتقدون). إن مصر كالقلب والعقل في جسم الشرق إن أصيب سقط الجسم كله. قالت بلسان حافظ إبراهيم «أنا إن قدر الإله مماتي.. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي». إن المصريين كجذع شجرة الزيتون تراها أمامك خضراء مورقة وجذورها تتعدى مكانها بكثير، فإن جرحت أغصانها، تأثرت جذورها.
يا شباب مصر ان ما صنعه أجدادكم أمانة في أعناقكم. أين ما ورثتموه من أجدادكم من الرزانة والصبر والجلد؟ زرعوا فأكلتم، شربوا من نيل شربت منه أم نبي الله إسماعيل، ونبي الله يوسف، ونبي الله موسى وقبله الفراعنة، إن أجسامكم ودماءكم يجري فيها ماء النيل، لا يستفزكم من بدل دمه النيلي بمياه نهر التايمز والسين والميسيسيبي وغيرها، لا يستغفلكم من بدل هويته بهوية خليجية أو أميركية أو أوروبية، إنكم النقاء وهم المهجنون، إنكم الصفاء وهم التائهون، إن ما حصل خلال هذه الأيام كنجاسة أصابت ثوب عابد يصلي فعليه أن يعود ليتطهر. إن كانت نواياكم طيبة وحقا، فقد تغلب عليكم أهل الفتنة والباطل وألبسوها السوء لكم ولشعوبكم. وما حديث خاتم الأنبياء إلا منهج لنا «..وخير الجهاد كلمة تقال أمام سلطان جائر»، قال صلى الله عليه وسلم «كلمة» ولم يقل مظاهرات يتبعها أذى «قتل وسحل وسرقة ونهب وتدمير وحرق». لا تقولوا سئمنا من الكلام، فالسؤال مردود عليه، هناك وسائل أخرى، كان على كل مجموعة التجمع أمام بيت نائبهم بمجلس الشعب والطلب منه توصيل مطالبكم «وليس بسرقة متحف مصر وحرق مبنى الاتحاد الاشتراكي التاريخي والمحاكم والسجون وأقسام الشرطة وغيرها»، فإن لم يفعل هذا النائب فالأولى حرق شقته الخاصة أو بعقاب أكبر إن لم تستطيعوا إسقاط عضويته، حتى يكون نائبا مخلصا للشعب وأمينا بنقل مطالب الشعب ولا يجامل، وليس حرق مؤسسات الوطن وسقوط ضحايا أبرياء. فاليابانيون يضعون شريطا أسود على ذراعهم احتجاجا، ومؤخرا اللبنانيون نصبوا خيامهم بأهم مركز وساحة تجارية بالعاصمة لمدة سنة احتجاجا، كان بإمكانكم فعل ذلك. إنكم طلاب إصلاح، تريدون العنب ولا تريدون الناطور. فالوجبة تؤكل لقمة لقمة. فمن اللقمة الأولى تعرف مسارك (فإن كانت لذيذة تستمر). إن الشرارة التي أشعلتموها لتنيروا طريق الإصلاح، استغلها الشواذ والخارجون عن القانون بحرق مصر ومستقبلها، إنكم تقهقرتم بمصر إلى عام 1956 حرب السويس «عام نكث العهود ـ اقرأوا التاريخ صح ـ لم يدخل مستثمر واحد لمصر منذ 1956 حتى 1974 والسبب قرار خاطئ»، إن ما حصل هذه الأيام هز، بل أطاح ما بني خلال 40 عاما من هرم الثقة والأمن والأمان والاستقرار للبلد، فالمؤسسات الاقتصادية العالمية الكبرى التي تسعى لفتح فروع لمصانعها ونشاطها الاستثماري بمصر، وطبعا سيخلق فرص عمل كثيرة «فتح بيوت» لتصبح مصر مركزا ماليا وتجاريا، ويا سبحان الله، فقد بدأت هجرة هذه المراكز الآن من لبنان «المقبل على زعزعة» إلى مصر ولكن أعداء مصر (وهم معروفون) يريدون زعزعة الاستقرار والدمار للمنطقة بأكملها، ليشغلوا أمم العالم عنهم ويبعدوا الأعين عن مكائدهم ومؤامراتهم، ويكافئوا المدير العام للوكالة الدولية «للطاقة الذرية». نكشة: يطالبون بإسقاط النظام.. وكل البشر والعالم يبحثون عن النظام والترتيب ويكرهون الفوضى.
[email protected]