ما يحدث في مصر هو صراع بين تقنية الاستخبارات الأجنبية وتقليدية أمن الدولة المصرية.. بين الانترنت والتكنولوجيا وبين الملفات الورقية وصور الأبيض والأسود. إنها مؤامرة وقودها الشباب البريء طاهر السريرة الموجه بطريقة غير مباشرة ودون أن يعلم بريموت كنترول أجنبي، وأموال مجهولة المصدر!
ما يحدث في مصر هو رهان على قوة المادة اللاصقة التي تربط المواطنين ببعضهم مع قيادتهم، حبهم لوطنهم بميزان عقلهم، وبين قوة وتأثير التكنولوجيا والدولار، وسطوة الغني على الفقر بين الدول.
ما يحدث في مصر ليس تغيير النظام والرئيس وإن بدا ذلك وإن كان مطلبا حقا ولكن باطنه مؤامرة. ما يحدث في مصر هو تحد بين زعماء دول «كل بما يملك» أحدهم يعتمد على رصيد تاريخي وحضاري، والآخر يعتمد على الرصيد البنكي، والميدان ـ مضمار التحرير ـ بفرسان وخيول مصرية، وطبعا سيسقط ويجرح فرسان وتنفق جياد، والعالم يتفرج ليعرف من يحمل الكأس ويحصل على الجوائز، طبعا كل ما هو مصري خاسر(فرسان، جياد، ميدان) والفائز هم الأعداء.
الرئيس مبارك كان يعتقد ان خلفه حضارة الفراعنة بقيادة رمسيس الأول والثاني، واعتمد على الحرس القديم، لم ينتبه أن الزمن أثر على قواهم، وفي نفس الوقت شعر هو وأحس بأن الزمن أثقل كاهله، فأوكل ببعض مسؤولياته لآخرين وكان اختياره أو موافقته عليهم غير موفق كما يقولون «أحمد عز، وغيره».. إن الرهان الآن ليس بين الرئيس وشباب ميدان التحرير، ولكن الرهان بين مصر بشعبها ورئيسها، وبين خصم صغير الحجم كثير الإمكانيات استطاع أن يجمع خصوم مصر المختلفين في الأعراق والأديان والمذاهب (أ، أ، أ) ويؤلف جبهة قوية جدا بدأت بمصر قلب العروبة، فإن نجحوا استهدفوا قبلة المسلمين، إذن الدفاع عن البيت الحرام وروضة النبي عليه الصلاة والسلام يبدأ من كنانة العرب والمسلمين من مصر وشعبها.
المؤامرة كبيرة جدا، توفر فيها للعدو المال، والتكنولوجيا، والمواقع، والجيوش الجرارة المدربة، كذلك الاستفادة من طيبة الشعب المصري وحسن نواياه، فيا شباب مصر: انتبهوا، الفخ كبير جدا.
شكرا لكم.. أديتم الواجب، وانتزعتم وحصلتم على ما يريده الشعب خلال اسبوع واحد فقط لم يستطع مجلس الشعب الحصول عليه خلال عشرات السنين، وضعتم القطار على السكة الصحيحة، فلا تتمادوا (فالزيادة نقص) ولا تكونوا كرماة المسلمين في «غزوة أحد» قلبوا النصر هزيمة.. تأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم يوم «صلح الحديبية» عاد من حيث أتى وهو في أوج قوته بعد رفض قريش دخوله مكة وهو على أبوابها حفاظا على أرواح الطرفين. وفي عصرنا الحالي كونوا كالرئيس السادات في حرب اكتوبر بعد العبور والتقدم عشرات الكيلومترات عندما شعر السادات بدخول الأميركان بقوة بجانب إسرائيل وتغيير موازين القوى، وافق على وقف إطلاق النار بما حصل عليه من مكتسبات على الأرض، وبدأ في المفاوضات للحصول على بقية الأهداف (وما حصل عليه بالمفاوضات مائة مرة ضعف ما حصل علية بالحرب) فالجهاد كر، وفر، فيا شباب ميدان التحرير إنكم جزء من تحدي الغرباء على بلدكم، فلا تكونوا الشعرة التي قصمت ظهر الوطن (بشعبه وقيادته) بدأتم تميلوا لكفة أعداء مصر بعد أن كنتم بكفة شعب مصر، لقد قبل الرئيس مبارك مطالبكم ووعد بتنفيذها بل اكتشف بكم مكامن الخلل بجهازه الإداري وثقوا أن هذا الفارس البطل وقائد نسور أكتوبر ومشعل شرارة نصر أكتوبر بالضربة الجوية الأولى، هذا العملاق الجريح الآن (منكم) لن يرضى أن تكون الصفحة الأخيرة في سيرته الذاتية الناصعة، صفحة رمادية، إن أمامه 6 شهور سيسعى شخصيا بكل ما أوتي من قوة لتبييض هذه الصفحة الأخيرة حتى تكون مسك الختام. والأهم من ذلك ألا تتأثر سمعة مصر السياسية والقانونية بسبب 6 شهور وهي ما تبقى من مدة رئاسته تمضي بلمح البصر، فصبر جميل، إن انتقال السلطة بسلاسة ودستورية فخر لمصر وإنجاز جديد لأول مرة، لا يصبح فيها غالب ومغلوب، وتخمد الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم احفظ مصر وأهلها من كل فتنة وشر ومكروه وارزقهم الأمن والاستقرار ورغد العيش اللهم آمين.
[email protected]