طبعا ألف دينار جميلة جدا وكذلك التموين، والخير بقبال، وكم أفرحت هذه المنح المواطنين من أفراد وأسر، ولكن الأجمل منها كلمة «أمر» صاحب السمو الأمير، هذه الكلمة لها وقع يشبه فرحة الجمهور الكويتي عند إحراز منتخب الكويت هدفا بمرمى الخصم، شعور لا يوصف. إن «الأمر» السار المفاجئ، يطيل العمر ويجدد خلايا الجسم، وينعش الغدد، ويجعل الدنيا فرحا وسرورا، ويطرد الهم والاكتئاب، ويحيي الأمل والرجاء، ويكسر الروتين واليأس، مللنا مسميات مشاريع مستقبليه بعد 5-10أعوام (جسر جابر ـ بنك جابر ـ مستشفى جابر) لقد أساءوا لهذا الاسم الجميل، وكأنه بيض الصعو، أو لبن العصفور، الله سبحانه وتعالى يقول: (فإذا عزمت فتوكل على الله)، لم يقل إذا عزمت ادرسه ثم ادرسه ثم ادرسه ثم أعده للدراسة من الأول.
في أوائل السبعينيات مر أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، على منطقة كيفان (والشيخ فهد الجابر الأحمد يعلم) فوجد خيمة كبيرة في ساحة بقطعة 6 فسأل عنها فقيل لسموه إنها مصلى لكبار السن حيث لا يوجد مسجد قريب «فأمر» في الحال وزارة الأوقاف ببناء مسجد بموقع الخيمة وتم بأسرع ما يمكن بناء مسجد عمير بن الحمام.
كان هذا «الأمر» كصدقة جارية لمن أمر بها حيث لم يخطر على بال الحكومة لأنها لا تتلمس حاجات الناس بل تخطط على الورق وفي المكاتب، وتنفذ ما تراه حسب نظريات وهمية من الخيال لا حسب الواقع والبيئة، فالحاجة والعيوب تظهر بعد المعايشة والاستعمال، هناك حاجة أو مشروع يخدم سكان منطقة ما، أو مراجعين لإدارات حكومية، أو فئة من فئات الشعب، لكن هذه الحاجات لا تندرج ضمن اختصاصات أي وزارة، وكأنها، والعياذ بالله، لقيطة الكل يتبرأ منها، تنتظر من يشفق عليها ويتبناها وأجره على الله. هذه الملاحظات والاقتراحات لا يعرف أسرارها إلا من كابدها واكتوى بنارها، وعصى عليه تنفيذها بعد أن طاف وسعى في وزارات ومؤسسات الدولة ولم يجد مجيب غير ترديدها ليسمع هو صداها، ويمني النفس أن يسمعه ولي الأمر ليصدر «الأمر» بتنفيذها.
إن أوامر ولي الأمر المفاجئة لأجهزة الدولة توحي للمسؤولين بأن ولي الأمر يراقبهم ويختبرهم ويظهر عيوبهم ويقرع الأجراس منبها بأنه يحل مشاكل المواطنين بنفسه وانه قريب من المواطنين يتحسس حوائجهم وشكواهم. كم كنت أتمنى أن تكون هناك إدارة في الديوان الأميري تلتقط اقتراحات المواطنين بالأمور العامة والنظر فيها ومعايشتها على أرض الواقع وليس بالمكاتب (وإن احتاج الأمر وضع كاميرات تسجيل للاستعانة بها لتوضيح المشكلة أو الاقتراح). إن الحياة حولنا وكل العالم يتغير في دقائق. وان لكل نوع من الحاجات وقتا وسببا لتبرز للوجود. ولذلك يجب أن يكون لولي الأمر عيون (متطوعه وغير رسمية) تتلمس حاجة أهالي المناطق المختلفة، أو فئة من الشعب، أو أي مجاميع وتدرسها وتضع عدة حلول لها وتعرضها على ولي الأمر «ليأمر» بتنفيذها باسمه وتحت رعايته لتنزل مفاجئة بردا وسلاما على قلوب المواطنين وكأنها نسمة باردة «في صيف حار، ليشكروا سموه ويقدروا إحساس سموه بهم وفزعته لراحتهم ورافعين شعار» هذا ما أمر به سموه، وبذلك يكون لسموه لمسة حنان مباشرة ودون تسلسل الروتين. اللهم يا مجيب الدعاء أكثر لنا من الأوامر الأميرية.
[email protected]