«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلاهما خير» حديث شريف.
وقياسا على كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم أقول: «المواطن القوي خير وأنفع للوطن من المواطن الضعيف» وقوة الوطن من قوة مواطنيه، فالشركات اليابانية الخاصة (سيارات ـ إلكترونيات) أعطت اليابان شهرة «قوة التقنية» والألمانية شهرة «قوة المتانة»، والأميركية «الفخامة والتكنولوجيا»، والبرازيل لاعبين ومدربين والبن، وكوبا السيجار..إلخ.
كل ما ذكر هو اجتهاد مواطنين أفراد أو جماعات بدأوها كمشروع تجاري خاص، فأعطوا لأوطانهم شهرة وثروة وطنية، وسلاحا بيد الدولة تعطيه أو تمنعه عن الدول الأخرى، رفعوا اسم بلادهم بأموالهم الخاصة وبعلمهم وخبرتهم.
إذن فالمواطن القوي هو القوي بعلمه أو خبرته، أمواله، حكمته، تاريخه، فنه، رياضته، أدبه.. مجالات كثيرة تعطي القوة، فقوة المواطن أو ثروة أي كائن، تعتمد على ما يملكه من عناصر القوة السابق ذكرها، وقوة الوطن وثروته هي مجموع قوى، وثروات شعبه من بشر وهيئات وشركات.
إن شباب اليوم الذين نعول عليهم استمرار مسيرة الكويت والوفاء لرجالها الذين تسلمنا منهم وطنا سقوا شجرته بدمائهم وعرقهم، ونحن نقطف ثمار عملهم.
إن علينا أن نذكرهم بالخير وهم في ذمة الله، ونكون أوفياء لهم مثلما كانوا هم، أوفياء لوطنهم، إن ما كدر خاطري ما أسمعه وأقرأه بالمدونات من كلام وكأنه يخرج من قلب إبليس، ولسان شيطان، وليس من شباب كويتي، مرفه، عليه أن يتقي الله، ويعتز بوطنه وأهله، ويفتخر بمكونات مجتمعه، إن الهجمة الشرسة الظالمة على كل ما هو تاجر أو رجل أعمال كويتي واتهامه بالفساد والنهب «دون دليل» تعتبر قذفا ونميمة، يحرمها الدين والقانون، وتغضب الرب، وتزول بها النعم، فإن عمل التاجر في وطنه لم يسلم من الحسد، وإن استثمر في الخارج لم يسلم كذلك، وكأنهم يتمنون زوال نعمة قسمها الله له، فهذا هو الحسد كما فسره الشرع.
كثيرا من الشركات الوطنية ساهمت في بناء الوطن ونهضته، منها ما أسسه، المغفور له بإذن الله، محمد عبدالمحسن الخرافي، ذلك الرجل الوقور، الهادي، المبتسم دائما، الطائع لربه، والمؤدي فرضه، كأنه حمامة الحرم، سخيا، لا يفرق في عطائه بين الطوائف والأعراق.
كان، رحمه الله، أحد أعمدة المجتمع، والاقتصاد الوطني، وهو المؤسس لأول بنك كويتي والخطوط الكويتية، ونائب رئيس غرفة التجارة والصناعة، ولا تخلو مؤسسة، ولا هيئة، ولا مبرة، إلا واسمه يتصدر الأسماء. إن من يعرفه عن قرب يتمنى فقط أن يرزقه الله أخلاق وطيبة وتواضع هذا الرجل، إنه مثالا وقدوة للإنسان العربي فقد قلده الرئيس جمال عبدالناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1957م، وفي عام1967 نجح في انتخابات مجلس الأمة وحين أحس بعدم نزاهة الانتخابات، امتنع عن حضور الجلسات ولم يقسم، معتبرا نفسه مستقيلا.
هذه قطرة من بحر مواقفه ومبادئه. أنا لا أعني مع كل الاحترام والمحبة والتقدير رئيس مجلس الأمة أبو عبدالمحسن ولا الأخ الفاضل أبو مرزوق ولا الأخت د.فايزة معلمة الأجيال التي يكفي شفاعتها كمعلمة، وأول امرأة ترأس جامعة في منطقة الخليج، أن نقف ونوفيها التبجيل، ونحترم ونوقر اسم أبيها وعائلتها.
إن ما يعني لي كإنسان كويتي هو أخلاقي ووفائي لوطني ولمن بنى لبلادي صرحا للاقتصاد الوطني وأرسى قيما للسلوك الديموقراطي، وأنجب لنا من أكمل وأضاف، يرحمك الله يا أبا جاسم فإنك القاعدة والجذور وأبناؤك أعمدة، وأعمالك شجرة مباركة أصلها ثابت، وفرعها في كل الأنحاء، إنها «مجموعة الخرافي» التي نفخر ونعتز نحن الكويتيين بها، كما تفخر مصر بالمقاولون العرب، والسعودية بشركة بن لادن «ولم يؤثر أسامة بن لادن على مكانتها» إن «مجموعة الخرافي» شركات وطنية رحل مؤسسها وتركها أمانة في أعناق الوطن والمواطنين. إن التجريح الذي نسمعه ونقرأه من أبناء جلدتنا «بعد أحداث مصر» على هذه المجموعة التي ترفع علم بلادي وتحمل اسمه، وهي جزء من ثروة الكويت خبرة وإمكانيات، هذا التجريح، يجعلني أفقد الثقة بجيل المستقبل الذي يشارك في هدم ركن أساسي من أركان الاقتصاد الوطني (القطاع الخاص).
وسيأتي يوم تتشبع فيه وزارات الدولة بالموظفين وتكون الشركات الخاصة وفروعها، وجديد مشاريعها هي الملاذ، فلا تتمنوا زوالها... يا شباب وطني، عينوا ـ تعانوا، وحافظوا على شركاتكم الوطنية، ولا تكونوا معول هدم، ولو بكلمة، وانتم لا تعلمون. واشكروا مؤسسيها فلهم منا الوفاء والتقدير، بأن نحفظ سيرتهم ولا نخدش شعورهم «وكأني أسمع من تحت التراب عتابا يصفنا بالجحود وعدم الوفاء» فمعذرة فنحن لسنا في وفائكم.
فلك منا يا العم محمد عبدالمحسن الخرافي وكل من زرع في وطني نبتة خير وكل المسلمين الدعاء: بأن يرزقكم الله بدار خيرا من دارنا وصحبة خيرا ممن حولنا ونعدك بأننا نحافظ على تركتك البشرية والمادية ونصونها لأنها ثروة وطنية نعتز ونفخر بها، وتذكرنا بقولكم: المواطنون وما يملكون جزء من ثروة الوطن.
[email protected]