سأتكلم عن نظام حكم فريد، يجمع بين الأسلوب الديموقراطي والشورى (الإسلامي) والتسلسل القبلي والتناصح الأسري والخلق الرياضي، والمحبة والتقدير والاحترام للكبير والعطف والإيثار للصغير، حكم تداوله أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز الذي أسس أسرة زرع فيها خصاله وورث مبادئه، فنمت وترعرعت فأنسلت (ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال)، فكان لكل ملك صفة من صفات المؤسس فمثلا الملك فيصل منذ شبابه تخصص في السياسة الخارجية ورثها من أبيه فأورثها لابنه الأمير سعود.. الخ.
أما الإيثار والتواضع فحدث ولا حرج فقد تنازل الملك سعود عن الحكم لأخيه الملك فيصل، وآثر الأمير محمد أخيه الأصغر الملك خالد للحكم على نفسه، واليوم يؤثر الأمير مقرن ابن أخيه على نفسه ويبايعه لولاية العهد، إنها قمة الإيثار، فلم يكن تسلسل الأعمار أساسا في حمل مسؤولية الحكم، لكنه الإيثار والصدق في النوايا وحب الوطن والإخلاص والوفاء للوالد المؤسس في حفظ الأمانة وصون الرسالة، وطاعة ولي الأمر، فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يبعث ببرقية للأمير سعود الفيصل يشكو إليه حزنه من فقده ومرارة بعده، قلوب متآلفة، وأياد متكاتفة، تفوح رائحة الولاء والانتماء من أقوالهم وأفعالهم.
وهذا ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، يقفز من مقعده عندما رأى العلامة صالح الفوزان داخلا للقصر للمبايعة، ويخطو بسرعة، فيقبل رأس العلامة صالح الفوزان ويقبله تقبيلا شديدا.
نموذج للوفاء، وصورة للتقدير والاحترام للعلماء.
وهذا ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان يقبل يد ابن عمه الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني.
وهذا ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يمسك برأس العلامة مفتي البلاد عبدالعزيز آل شيخ، ويقبله تقبيلا شديدا.
لا تكاد تصدق، أهذا نسج خيال، أم حقيقة نراها بأعيننا؟
البلدان في العالم تهتز وتمزقها زلازل الفتن والصراع على الكراسي، وتسيل الدماء في شوارعها، ويعلوها الرعب والخوف واقتحام العصابات.
بينما نحن نرى نفوسا طيبة اجتمعت وكأنها أصابع في يد واحدة.
ربي لك الحمد والفضل أولا وآخرا، ظاهرا وباطنا، سرا وجهارا.
نعمة تستحق أن نقف معها وقفات مديدة، لا يستطيع القلم أن يصفها ويعبر عنها.
قال الله عز وجل: (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم). اللهم أدم علينا الأمن والإيمان، والسلامة والاطمئنان في أوطاننا.
«وأما بنعمة ربك فحدث».
[email protected]