عاد إلى الوطن بجسده، حاملا معه روحه ليسلمها لبارئها في رحاب وطنه، وليستنشق آخر أنفاسه من هواء وطنه، عاد إلى الوطن يمشي على قدميه راكبا الطائرة، وخرج منها محمولا على الأكتاف، لأنه أبى أن تكون اخر خطواته تطأ وتدوس على تراب وطنه الطاهر الذي لامس جبهته وأنفه حين سجوده للصلاة، تراب وطنه الذي سيحتضن جسده، كم هي تعيسة لحظة الفراق، إنها سنة الحياة (إنك ميت وإنهم ميتون) إنه قدر الله، انه الموت الذي سرق منا أخا غاليا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
رحمك الله يابو عبدالمحسن ولدت حرا من ظهر حر ونشأت بين عمالقة المجتمع وترعرعت وتعلمت بين يدي «نواخذة» أمراء البحار لم يكن لأحد فضل عليك غير الله ثم والديك، كان شعارك اللهم ارزقني وارزق مني، فالتحق بركبك عشرات الآلاف من الموظفين في ستين بلدا في العالم كنت سببا في رزقهم من خلال مجموعة الخرافي، كنت ملكا غير متوج، بعيدا عن هموم السياسة، لكنها الدنيا التي كشفت لنا مواهبك القيادية وخصالك الطيبة، فدعاك الوطن ممثلا للشعب لتقود ركنا من أركانه، بعدها أصبحت «أسيرا» بيد وطنك لا تستطيع الفكاك منه، اصبح الوطن يناديك فتلبي نداه، ويأمرك فتطيع، لأجله تركت زخرف الحياة، ولأجله حملت همومه ومشاكله، رحمك الله يا أبا عبدالمحسن لن أنسى آخر لقاء معك في ديوان العم يوسف الخرافي وحواري معك وكان «حق الفيتو» لديك هو «ما كل ما يعرف يقال» كان صدرك يكتم أسرارا لتنوء بالعصبة أولي القوة أسرار وطن وحكومة وشعب، كنت بلسما حين تنزف الجروح، ورجل إطفاء حين تشتعل النيران، ورجل خير حين تتعكر العلاقات، ما نحن فاعلون بعدك، وجب أن أقولها بصوت عال: إن غبت عنا بجسدك فروحك معنا، لن تموت جهودك ولن تموت أفكارك، بل سنواصل وسنبني أفكارنا على أفكارك، فقد أسرتنا بنهجك وسلوكك الكريم، فإن كنت أسيرا في حب وطنك، فكل أهل الكويت أسرى بحب الكويت فلا تخف على وطنك فكلنا أمناء عليه.
اللهم اغفر لجاسم الخرافي واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وأنزل على قبره النور والسرور وجازه بالحسنة إحسانا وبالسيئة عفوا وغفرانا واجعله مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
[email protected]