في كل زمن وفى كل حدث يظهر معدن الكويتي ونقاء سريرته وصفاء نيته، إنه إنسان عادي مثل كل خلق الله، ولكن للوطن أثرا عظيما عليه فهو الحاضن الأول للمواطن (قبل بطن أمه وقبل ظهر أبيه) بما يمثله هذا الوطن من ارض وجو وغذاء محدود، وبشر معدود تربطهم. علاقات، إما صلة رحم وإما مصاهرة، رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا، كانوا علماء بتجاربهم، فقراء بمدارسهم، أغنياء بثقافاتهم، تحدوا البر والبحر وصبروا على المرض والفقر لينالوا شرف«مواطن كويتي»إنه شرف لو تعلمون عظيم، لذلك لا تستغربوا من عفوية ما قيل وما حصل في حادثة مسجد الصادق عليه السلام، وما فزعة المواطن الأول صاحب السمو الأمير حين هب الى موقع الحدث متحديا كل الأخطار بعفويته المعتادة، وما قوله«هذوله عيالي» إلا من صدق مشاعره التي أظهرتها دمعته حين حاول سموه إخفاءها بيده وخلف نظارته، دمعة محب ومخلص لمحبوبته الكويت وأهلها.
ذلك الحدث الحزين الشاذ على طباعنا وأخلاقنا يجعلنا نجدد حبنا وولاءنا لهذا الوطن، ونعيد الحياة والقوة لوصية أبائنا وأجدادنا حين أوصونا بأمانة نتوارثها جيلا بعد جيل ولا تتوزع على الورثة، بل تنمو وتثمر وتزيد قوة وصلابة.
إن هذا الوطن رغم ما عانا من غدر الشقيق قبل الصديق، ورغم ما يلاقي من عثرات ممن يحملون هويته (أو يكادون) رغم ذلك فهو نموذج فريد لكل الأوطان، فكل صفة محمودة تجدها فيه ولله الحمد.
انظروا وقارنوا واسألوا أي مواطن عن حبه وولائه فسيقول: الله ثم الوطن والأمير(بنفس النص والترتيب) لذلك فكل مواطن يعرف حقوقه وواجباته، فالله جل في علاه رب عموم البشر له الحب والولاء الأول، ثم الوطن الذي خص أبناءه بوجوب حبه والولاء له، وهذا الولاء ينشأ بالفطرة ثم ينمو بالعمل، يتبعه الحب والولاء لقائد الوطن صاحب السمو الأمير الذي هو رمز للوطن ويمثل كل الشعب فهو المواطن الاول، لذلك يحق لنا- تجاوزا -أن نقول: الله ثم الوطن والشعب «وسمو الأمير حفظه الله أول أفراد هذا الشعب وقائده» هذا القول يعطينا إيحاء وتفسيرا بأن الله سبحانه الخالق، خلق هذه الأرض وخص منها هذا الجزء لهذا الوطن (الكويت) وخلق البشر وخص منهم هذا الشعب ليعيش على هذه الأرض، وسخر من هذا الشعب هذه الأسرة الكريمة ليخرج منها قائد لهذا الوطن وهو سمو الأمير، لذلك هذه النظرية لو تم العبث بها لاختل التوازن ولو دخلت بها شوائب لضعف الولاء، ولو تساهلنا لضاعت الحقوق والواجبات، إن بقاء الوطن وأمنه واستقراره مرهون بقوة الولاءات الثلاثة، فالله سبحانه وتعالى رب الكون يغير ولا يتغير، والوطن بأرضه وسمائه وبأمر الله ثابت لا يتغير، أما المتغير والمعرض للتشويه فهو الشعب بكل أفراده، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ونحن كثيرا ما ندعو: «الله لا يغير علينا»، ونحن بأنفسنا نغير أنفسنا وتركيبتنا التي خلقها الله لنا، فرغم مرارة الألم والحزن على ما حدث بمسجد الامام الصادق إلا إن عزاءنا بأن المجرمين لم يكن بينهم كويتيون).
والكويتي يعرف بأفعاله وليس بورقة حصل عليها قريبا أو يطمع ان يحصل عليها، من هنا نناشد القيادة والمسؤولين في الدولة أن يتذكروا أن الله خلق هذا الوطن وحفظه بمواصفات وتركيبة، وبقدر معلوم (هو يعلمها سبحانه) فلا يطغى شيء على شيء، والدليل حفظ الله سبحانه للكويت لا زلازل ولا براكين ولا فيضانات، وشعب مر بالفقر والغنى فلم يتغير، وشعب حافظ على قيادته أربعمائة سنة، وقيادة حافظت على الوطن والشعب رغم الكوارث والحروب، انها تركيبة من الخالق الباري عز وجل، فلا تبدلوا نعمة الله عليكم، فاحذروا من الدخلاء والشوائب واحذروا من وصولهم لمراكز حساسة، واجعلوا ميزان المواطنة هو صدق الولاء للوطن بالقول والعمل، ونحن نعلم حرصكم وحزمكم، ولكن ما نسمعه ونقرأه من جرائم محلية وعالمية ويزج باسم الكويت بمجرميها ان كان مواطنا حديث المواطنة أو وافدا ولد أو عاش في الكويت، ليبعث على الأسى والندم بأنه دنس ارضنا وشوه سمعتنا، فحق عليه القول «اتق شر من أحسنت إليه».
[email protected]