عند زيارتي لأحد دواوين منطقة الفيحاء وجدتهم يتناقشون عما اسموه (مخامط ساحات) أي اغتصاب الساحات العامة بين البيوت والقطع في المناطق السكنية في كل المحافظات، وما إن دخلت عليهم حتى صرخ أصغرهم سنا وقد تجاوز الخمسين وقال: اطلبوا من ابوعبدالله يوصل شكواكم لأبوعبدالله! قلت: خير ان شاء الله وكلنا عبيد لله وفي خدمة عباد الله والأجر والثواب من رب العباد، وبدأ أكبرهم سنا أطال الله في عمره وقال: يا ولدي أنا من سكنت الفيحاء عام 1960 وأنا أمشي للصلاة الى ذلك المسجد كنت شابا وكانت المسافة قريبة ولا اشعر بالتعب، أما اليوم جار علي الزمان وجار علي الجار، ذلك الجار هداه الله استولى على الساحة اللي توصلني للمسجد وسورها بسياج من الزرع (كاربس) وعلى حد الرصيف مما جعلني امشي على الاسفلت ولمسافة أبعد (انهد حيلي) والشكوى لله! أين البلدية اللي كنا نعرفها؟ هل رخصت له البلدية بقطع الطريق على المصلين؟ أم هو اغتصاب بالقوة والله يا وليدي في كل فرض ادعي عليه، وعلى اللي رخص له... قلت له: عمي أنت كلمته! قال: أنا ليش أكلمه هو أخذ من بيتي شي، لهذه الساحات حكومة تحميها أم ان الامور سايبة، الزراعة صارت مثل الديموقراطية ومجلس الأمة (بقيناها طرب صارت نشب).
قلت له: ثق ان البلدية ما تدري. ضحك وقال: البلدية تدري بس تنتظر أنا أشتكي على جاري، لكن اخلاقنا وعاداتنا تمنعنا..وأخذ يردد حسبي الله... ثم قال آخر: نحن نعاني من نفس المشكلة كان الطريق المؤدي للمسجد وكذلك الجمعية سالك وسهل لكن عند عمل التقاطعات بين منطقتين ووضع الاشارات الضوئية وضعوا معها حواجز اسمنتية لخطورة التقاطع وتركوا فتحة بعرض متر واحد لمرور المشاة (جزاهم الله خير) لكن قامت جارتنا ببناء حائط من الطابوق الاسمنتي وقفلت تلك الفتحة واصبحنا كأننا (بحظرة سمك) ولم تكتف بذلك على الجانب الآخر زرعت الكاربس على حافة الرصيف ذي الاربعة امتار وقطعت مرور المشاة وأجبرتهم على النزول على الاسفلت في موقع لا ينقطع عنه سيل السيارات وخطر جدا، أعدت عليه نفس السؤال: هل كلمتها؟ قالوا: وكيف أكلم امرأة؟ وعيب علينا نشتكي على الجار.. هذه امور واضحة للعيان والحكومة عيونها كثيرة، وعندما بدأ الثالث يشتكي ويناديني يا ابوعبدالله تخيلت نفسي وزير البلدية أبو عبدالله أو مدير عام البلدية كذلك ابو عبدالله فأخذت أدافع عن البلدية قلت: هناك قوانين وقرارات فرضت على من يريد الزراعة أمام بيته يجب تطبيقها، منها يمنع زراعة الرصيف ذي الأربعة امتار، وفي الساحات يبتعد عن الرصيف مقدار 6 أمتار(وهذا طول السيارة) حتى لا تأخذ السيارات المتوقفة جزءا من الشارع وتقلل من كفاءته، كذلك هناك قرار يشترط الا تزيد المساحة المطلوب زراعتها امام القسيمة بأكثر من مساحة القسيمة نفسها، وهناك قرار آخر يشترط ألا يتضرر أحد الجيران أو يغتصب حقه، هناك اشتراطات وبنود كثيرة حول هذا الموضوع لكنها في الادراج ولا يلجأ لها الا عند المنازعات، فقال أحدهم: هذا خطأ يجب على ادارة العلاقات العامة بالبلدية تثقف الشعب بكل قوانين واشتراطات الزراعة، وغيرها أصبح لدينا اعتقاد اننا نملك الساحات التي امام بيوتنا ونتصرف بها بمزاجنا وكأنها أملاك خاصة أحيانا نذهب لزواج او لعزاء او عزيمة لا نجد موقفا للسيارة مع ان مصمم المنطقة وضع ساحات ومواقف لكنها اختفت وتم الاستيلاء عليها بحجة الزراعة (والزراعة كلمة حق يراد بها باطل) ولولا هيئة الإزالة لاستفحلت الامور، لا نريد زراعة نريد ساحات يلعب بها كل ابناء الحي فأشهر اللاعبين بدأوا باللعب أمام بيوتهم.
شعرت بانني مستهدف فاستأذنت بالانصراف وأنا أتذكر قول سمو الأمير (فساد البلدية ما تشيله البعارين) لكن أمني النفس بمقولة «لكل زمان دولة ورجال» وها نحن مستبشرون بقدوم مدير البلدية الجديد أبو عبدالله، نسأل الله أن يعينه ويوفقه لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين، ونرجو منه أن يستشعر معاناة الرعيل الأول من كبار السن ويفك كربتهم بمشكلة طريقهم للصلاة بالمسجد ليدعوا له بالأجر والثواب.
[email protected]