كنا نستخدم البغال والحمير والجمال للتنقل والأسفار وكانت تلك نهاية أمانينا وطموحاتنا وثرواتنا، لكن الغرب لا نهاية لطموحاتهم فاخترعوا السيارات وصنعوا الطائرات والصواريخ ليتمتعوا بدنياهم.
لم يعرفوا الحر والسموم والرطوبة والغبار، لكن حوائجهم من البترول والمواد الخام والتوابل جعلتهم ينتشرون في الأرض ويستعمرون البلدان ليمتصوا من رحيقها ويستخرجوا ما يشتهون.
لكنهم وجدوا في تلك البلدان مناخا غير ما تعودوا عليه، وظروفا تختلف عن ديارهم من قلة الماء وسوء الجو فزاد ذلك من اختراعاتهم و«الحاجة أم الاختراع» فصنعوا الثلاجات ومكيفات الهواء في المنازل والسيارات وابتكروا الأسواق المكيفة (المولات) وغير ذلك من الاختراعات نتيجة معاناتهم بضعة شهور في بلادنا (الشرق أوسطية)، وكان وجودهم عندنا، نعمة، لنستفيد من اختراعاتهم التي صنعوها لأنفسهم لتقيهم حر صيفنا وبرد شتاءنا.
لكن السؤال المحير: متى نصحو من سباتنا ونفكر ونبتكر ونصنع وسائل تخفف علينا شدة الحر والرطوبة وتقينا من الغبار؟ أم ننتظر الغرب يفكر عنا ويصنع لنا حوائجنا، بالعلم والمال نصنع المستحيل.
نعم اذا اجتمع العلم مع المال وكان القرار ثالثهما بيد رجل واحد، يصنع المستحيل، والدليل انظروا حولكم ولا داعي لتكرار ذكر أسماء جعلوا من ديارهم الحارة والرطبة والمغبرة، بلادا سياحية ومركزا تجاريا وصناعيا، وآخرون انتشلوا بلادهم من دمار الحرب الى ميادين التجارة والاقتصاد والسياحة والفن، نحن لسنا بعيدين من ذلك فلدينا المال الكثير فوق الأرض وتحت الأرض ولدينا العلم والعلماء وما ينقصنا من مستشارين نستأجرهم.
أما القرار فبلادنا نظام حكمها وراثي ممزوج بالديمقراطي والدستور، مع قليل من العشم (والميانة) والفزعة والنخوة والاحترام المتبادل بين الحاكم والمحكوم، كل هذه الأمور تجعل صاحب القرار قويا أمينا، لكن المشكلة ان هذه العناصر الثلاثة (العلم والمال والقرار) لم تجتمع معا حتى الآن.
إن حر هذا الصيف ينذر بالموت لو انقطعت الكهرباء فقد ثبت للعالم ان حرارة الكويت أعلى حرارة في الدنيا نستحق معها أن ندخل موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، وإن السنوات المقبلة أشد حرا، وكون ان الحاجة ام الاختراع فلا بد ان نفكر في وسائل كيف نقاوم هذا الحر، ولا ننتظر الغرب يفكر عنا، ترى «النار ما تحرق الا رجل واطيها».
فلنبدأ في زراعة الاشجار العالية التي تظلل على الاسفلت والاسمنت حتى لا يشحن حرارة من الشمس، ونكثر من النوافير والشلالات والبحيرات الصناعية البسيطة فوجود الماء يبعث الحياة في كل الكائنات.
لا تجعلوا الكويت دولة موسمية في الصيف تخلوا من البشر حيث يعود الوافدون لأوطانهم ويسيح المواطنون المقتدرون ماديا ومعنويا في سفراتهم الترفيهية وتخلوا الكويت من الكفاءات خلال الصيف وتتوقف التنمية ويصبح العام ستة شهور، كما اصبح الأسبوع خمسة أيام.
المثل الشعبي يقول: «ما يموت بمربضه إلا الحمار» فإن لم نبحث عن حل يخفف عنا حرارة الصيف، فلن نجد من يعيش معنا بعد النفط.
في كندا نظرا لطول فصل الشتاء وتراكم الثلوج فرضوا على أصحاب العقارات التجارية وغيرها وجود سرداب لكل مبنى وأمروا بفتح السراديب بعضها على بعض فصنعوا أسواقا وطرق تحت الارض توصلك الى بيتك، وقاوموا الثلج والبرد خطوة خطوة إلى ان اكتملت الشبكة والامثلة كثيرة، فلنبحث عمن يملك العناصر الثلاثة ولنفكر ونبتكر ونبدأ.
أين أنت يا من يملك العلم والمال والقرار؟
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم..
لم يبن ملك على جهل وإقلال
[email protected]