«حج... يا حاج» كلمات أجزم وأنا على يقين بأن كل من حج أو اعتمر سمعها، وأحيانا رددها، هذه الكلمات التي يحفظها السعودي من المهد إلى اللحد، تسمعها من أهل الأحساء والقطيف شرقا إلى أبناء جدة غربا ومن عرعر شمالا إلى ثغر الجنوب جنوبا.. «حج.. يا حاج» كلمات فيها من الشريعة بيان، ومن المشرع طاعة واستحسان، وبها أدبيات الإسلام، وخلق القرآن، وكرم الضيافة، وسحر السياسة، وذوق الديبلوماسية.
«حج.. يا حاج» كلمات لو نطق بها أي إنسان في أي مكان بالدنيا لنبهت خلايا مخ من يسمعها لذكريات الحج أو العمرة وهفا قلبه للبيت الحرام.
«حج.. يا حاج» هذه الكلمات هي تطبيقا لأوامر الله عز وجل كشرط ملزم لمن يؤدي فريضة الحج ومن يتطوع بعمرة.
هذه الشروط أنزل الله بها آيات واضحة وصريحه لا تعفي الأعجمي (غير العربي) من الجهالة بها، إنه أمر من الله سبحانه (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) لاحظوا كم أداة نهي (فلا، ولا، ولا) يخيل إلي انه من شدة نهي الله إنه لولا التكبير والتهليل والدعاء لأمر عباده بأن يؤدوا المناسك وهم صامتون حفاظا على جلالة وهيبة بيت الله العتيق والأماكن المقدسة وضيوف الرحمن، لذلك خرجت تلك الكلمات «حج.. يا حاج» من أفواه خدام الحرمين (السعوديين) كأقصى وأشد تذكير لمن خرج عن حمى مناسك الحج، وأخذته العزة بالإثم، واختار طاعة أربابه، ولم يخش رب الأرباب، رب البيت العتيق، الذي انعم عليه وسخر له حج البيت، ومن فضل الله عليه أن بلاد الحرمين ملكا وحكومة وشعبا لا يريدون من الحاج جزاء ولا شكورا، ولا يأمرونه بقول كلمة أو فعل حركة، بل له الحرية بحدود شرع الله وقرآنه وكما أمر سبحانه بالهدوء والخشوع لطاعته (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) لكن هناك من يستغل الشهر الحرام في البيت الحرام في الأيام المعدودة، ليفسد على حجاج رعيته سعيهم ومشقتهم ويأمرهم بأقوال وأفعال ما أنزل الله بها من سلطان تدخلهم في معصية الخالق، مخالفين أوامر الله مطيعين لأوامر شياطينهم، يسعون لخرق الهدوء والسكينة بافتعال أساليب السياسة الدنيوية من تظاهرات وهتافات وتكتلات بشرية تجرف وتحطم من أمامها من عجائز وشيوخ حجاج العالم الذين أتوا لبيت الله (ضيوف الرحمن) وهم مؤمنون بأن الله خير حافظ وهو أرحم الراحمين يحفظون قول الله عز وجل: (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) لكن مثلما عصى إبليس ربه في الجنة، فهناك أباليس في الأرض يعصون ربهم ويحرضون حجاجهم المسيسون والمخربون، ليجعلوا بيت الله غير آمن، ألم يعلموا أن «للبيت ربا يحميه» وأن الخطيئة والإثم في حرم الله تتضاعف عند الله مائة ألف مرة، وانهم لن يرجعوا إلى ديارهم كما ولدتهم أمهاتهم وهل يعلم هؤلاء الجهلة معنى قول الله عز وجل: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).
على كل مسلم أن يؤمن بأن الله هو الذي يدبر الأمور في السماء والأرض وانه يسمع ويرى ويعز من يشاء ويذل من يشاء وهو أعلم أين يضع بيته وبيده اختيار من يخدم بيته الحرام.
لا ينازعه بذلك أحد (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون).
فلا يتطاول على الله أحد ويأمر الناس بحج غير حج الإسلام أو يتدخل بمشيئة واختيار الله لمن كلفهم بشرف خدمة بيته الحرام وخدمة ضيوف الرحمن وانه لشرف لو تعلمون عظيم، فهنيئا لكم يا أهل المملكة هذا الشرف العظيم، واعلموا أن كثيرا من البشر يغبطونكم والقليل يحسدونكم فتعوذوا برب الفلق من شر حاسد إذا حسد.
لبيك ربي وإن لم أكن بين الزحام ملبيا
لبيك ربي وإن لم أكن بين الحجيج ساعيا
لبيك ربي وإن لم أكن بين عبادك داعيا.
اللهم بلغنا يوم عرفة، وبلغنا عيد الأضحى
[email protected]