رغم قناعتي بأن الديموقراطية لم تجد أرضا خصبة في وطني لتنمو وتثمر، مع أنها كانت خضراء يانعة عند غرسها، ربما لأنها كنبتة «الزعفران» لم يلائمها مناخ بلادي، أو تسرعنا نحن وتسابقنا لجني ثمارها قبل أن تزهر وتثمر، فحصدنا أوراقها وغصونها وجذورها وأكلناها، ظنا منا أنه الثمر، فأصابنا مغص، وحمى، مع ارتفاع ضغط الدم، وأحيانا زهايمر، فنسينا آدب الكلام، ورقي الحوار، واحترام المستمع، وتوقير المشاهد.
لذلك لنا كلمة، فاسمعوها، نحن الناخبين نقيم المرشح ونزن عقله وفكره، عندما ينطق لسانه، فإذا بدأ بالذم والانتقاد وذكر المساوئ، والتحسر على ما فات، والتمني بعودة الماضي، والطعن بزملاء الأمس، كأنه لم يعش بيننا، إن هذا دليل على الإفلاس، وقصر النظر، وبث روح التشاؤم وسواد النظرة، وانعدام الإبداع.
لا يا سادة، نريد فكرا نيرا، ونظرة مستبشرة تفتح لنا بابا للأمل بالإصلاح والتنمية والتقدم، لا نريد من يجتر فساد الماضي، ويسجنا داخل زنزانته، ونحن بيدنا مفاتيح الأمل بمستقبل واعد، فديننا الحنيف، ورسولنا الكريم يحثا على التفاؤل والفرح، فعن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا، ولا تنفروا» وآيات ربي- عز وجل- تبشر بالخير: ( يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، وفى موضع آخر (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا)، إن هموم المواطنين تريد من يخففها، ويبحث لها عن حلول واقعية.
كنت أعتقد، أنه كلما ازدادت سنوات الحياة الديموقراطية عندنا ازدادت الخبرة وزاد الوعي، وارتقت ديموقراطيتنا، لكن الواقع مختلف، فكلما ازددنا علما وثقافة واطلاعا انتكسنا، ففقدنا طباعنا وعاداتنا الأصيلة، كاحترام الكبير ونصح الصغير، والأمانة في القول والعمل، وحفظ اللسان من الزلل، وبث روح التفاؤل والأمل.
أتذكر حين دعا (أمير الديموقراطية) الشيخ عبدالله السالم لانتخابات المجلس التأسيسي، ثم مجلس الأمة، في أوائل الستينيات، كان أهل الكويت (الناخبون) هم من يبحثون عن أشخاص مميزين ليحثوهم على الترشح، والعجب أن من كان يجمع عليهم أهل الكويت ويزكونهم لكفاءتهم لا يترشحون، يعتذرون مؤثرين على أنفسهم آخرين، يرونهم أكفأ منهم، بل من التواضع يعتقد بعضهم أن الكرسي الأخضر أكبر منهم ومسؤولية عظيمة، عدا من يخشى هذا المنصب معتبرا أن من يصل إليه ظالم لنفسه، لأنها الأمانة التي عجزت عن حملها السموات والأرض كما قال رب العزة والجلالة: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا).
دعوا عنكم كلمات الجاهلية الأولى «تكفون»، «نخيتكم»، «الفزعة» وحذف العقال، إنها ليست قسما بالله أو عهدا على الله أو نذرا لله، فرغم أنها تهز جبالا إلا أنها ليست بمكانها ولا تلزم أحدا بمعصية الله حين يصحو الضمير وتعظم المسؤولية.
رحم الله امرأ عرف قدر نفسه، وصان كرامته، وأراح أهله وجماعته، وسمع قول ربه: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى).
[email protected]