يلاحظ أن «الحريرية» نهج وطني مخلص، صادق مع نفسه، ومع وطنه، ومع المواطنين، نهج أسسه المغفور له بإذن الله الرئيس رفيق الحريري، وسار على دربه أبناؤه، هذا النهج الوطني الممزوج بالوفاء والصدق والشجاعة هو الوقود السريع الاشتعال الذي جعل من مؤسس هذا النهج رمزا وطنيا، فمنذ أن بدأ المؤسس رفيق الحريري حياته العملية خارج لبنان شد أزره بأبناء وطنه، ففتح -بعد الله- أبواب رزق لهم، ودعم آخرين، وشارك وشجع مبتدئين، فأصبح «وجه الخير» لكل لبناني مغترب كان، أو بالداخل، كان لا يعترف بالتفرقة مهما كان نوعها، بنى المساجد والكنائس على حسابه الخاص، لأنها تدعو لتعاليم السماء، كانت لديه ثقة بمن حوله من أبناء بلده، تحدى الزمن حين تعهد للحكومة السعودية ببناء اكبر فندق في الطائف خلال سنة واحدة، فأنجزه، ولحسن نوايا الطرفين احتضن هذا الفندق عند افتتاحه (كأول زبائنه) زعماء وأعيان لبنان المتقاتلين، بدعوة من السعودية، وترتيب من رفيق الحريري، فولد السلام، «باتفاق الطائف» وحتى يكتمل سعي الحريري بإنقاذ وطنه مما خلفته الحرب الأهلية، وأهمها تمزق الروابط وفقد الثقة والتفاؤل بين اللبنانيين، ولأنه رجل التحديات، ورجل المستقبل، أجمع عليه اللبنانيون بأنه المنقذ، والمسعف للبلد، فامتطى صهوة «رئاسة الوزراء» رغم ابتعاد كل الراغبين فيها بغير هذا الوضع السيئ والمحطم لتاريخ ومستقبل أي سياسي، لكنه الحريري، كتلة من التحدي الممزوجة بحب الوطن، فسخر كل ما يملك من خبرة وعلم، وصداقات شخصية، باقتناص الفرص، وأخذ القروض والمنح، وأعاد إعمار لبنان بزمن قياسي.
ما أشبه البارحة باليوم، حرب باردة بين الأحزاب، ومكونات الشعب اللبناني، تقطعت بها أوصال المحبة، ونبت الشر والموت في حمى كل فريق، وركب الشيطان رؤوس البعض، وأصبحت لبنان كسفينة (في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض) لا قائد لها ولا معين، فقط تحالف 8 آذار من جهة وتحالف 14 آذار من جهة أخرى فرشحت الأخيرة (الحريرية) أحد أركانها (بطرس حرب) للرئاسة، ورشح تحالف 8 آذار (العماد عون)، فلم ينجح لبنان، لأنه العناد اللعين، ويمر 30 شهرا وسفينة لبنان تصارع الموج والغرق، فابتعد عنها العالم، ووقفت محاولات إنقاذها، ما دام بحارتها في شقاق، ولإنقاذ الوطن تنازل تحالف 14 آذار فاختاروا أحد أقطاب التحالف المنافس (سليمان فرنجية) لعل هذا التحالف وأعوانه يقبل، لكن لبنان لم ينجح.
إن العناد لا يصنع دولا، بل يضيع الشعوب والدول، وحتى يتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل ان ينهار الوطن لأن هناك أعداء بلباس وطني، يتأهبون لافتراس لبنان، فانبرى سعد الحريري وبعض حلفاءه، رغم تجرعهم للمر، وغضب وزعل زملائهم، فوافقوا على انتخاب مرشح خصمهم السياسي، «العماد عون» فضحوا بالجنين (مبادئهم) حتى لا تموت الأم (لبنان)، أو كما يقول المثل «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم».
انه الوطن، الذي فقد الكثير من أبنائه لمجرد اختلافهم، لكن روح الحريري لم تفارق لبنان، فلبنان يستحق التنازل، ولبنان يستاهل الفداء، وأهله يستحقون الطاعة، ويستاهلون عيشة آمنة كريمة، يتمتعون برغد العيش، بعيدا عن مشاكل جيرانهم.
فكل التهاني للرئيس ميشال عون وندعو الله أن يعينه، والتهاني موصولة لدولة رئيس الوزراء سعد الحريري.
ولبنان واللبنانيون أمانة في عيونكما وأنتم أهلا لها.
إنها لبنان، سويسرا الشرق، كم أكلنا من «صفا» لبنان، وشربنا من «صحة» لبنان، وطربنا من «قيثارة» لبنان،
اللهم ابعد الشيطان عن لبنان، وابعد لبنان عن الشيطان.
[email protected]