علمونا في المدارس والجامعات أن التجربة خير برهان، فإن أردنا معرفة حقيقة ما، أو اكتشاف علم، أو مقارنة شيء بشيء، يجب، ولا
بد، وحتما، ويفترض، أن تكتمل وتتوحد العوامل المحيطة به، وتتشابه الظروف، مكانا، وزمانا، وحيثيات مقنعة، ثم نصدر حكمنا بالعدل والانصاف، وبأسلوب علمي، وصياغه أدبية، حتى يقبلها العقل، ويطمئن لها القلب، ويحيا بها الضمير، وهذا ما حصل في الانتخابات الأخيرة، فكون نسبة الاقتراع قاربت الـ 70 ، بعودة جزء كبير من المعارضين الممتنعين عن الترشح والانتخاب، زاد ذلك ثراء واكتمالا للديموقراطية، فأثمرت بذلك نتائج نخضعها للتحليل والدراسة التالية:
أولا: انفجرت انتفاضة شبابية واضحة قفزت بهم للصدارة (يحق لنا تسميتها الربيع الخليجي) مما يجعلنا نتساءل كيف؟ ولماذا؟ وما السبب؟
1 ـ لله الحمد والشكر أن انتفاضة شبابنا وغضبه أفرزه بحكمة ورزانة وبوسيلة ديموقراطية مشروعة، رسائل غضب أودعها صناديق الاقتراع ليطلب من الشباب الفائزين، توصيل غضب شباب الوطن، إلى قبة البرلمان وقرع ناقوس الخطر، بأسلوب راق، وسلمي، بشهود ثقات، وآذان مصغية للحكومة، راجين إن شاء الله حلولا للمشاكل مع الإبداع.
2 ـ وكما كان «تويتر» شرارة الربيع العربي، كان لأجهزة الكمبيوتر والآيفون ووسائل التواصل الاجتماعي في الكويت من «تويتر» وغيره أثر في خلق روابط شبابية، دعت للتوحد لانتفاضة شبابية ظهرت من حيث لم يتوقع احد، وهزت أركان الصناديق، وعصفت بالتوقعات.
3 - أثبتت النتائج، أن رموز الديموقراطية السابقين، ما زالت قوتهم وقواعدهم موجودة رغم ابتعادهم، مما يثبت أن الناخبين ليسوا سطحيين، ولا تؤثر فيهم الخطابات الرنانة، والخدمات الوقتية.
4 ـ ظهر طريق آخر يفرز نوابا للمستقبل غير عضوية التعاونيات والمجلس البلدي ألا وهو المفاتيح الانتخابية، أصبحوا كلاعبي الاحتياط، كما قال الشاعر:
إذا سيد منا خلا قام سيد
قؤول لما قال الكرام فعول
ولا أخمدت نار لنا دون طارق
ولا ذمنا في النازلين نزيل
5 ـ هذه الانتفاضة الشبابية اجتاحت القبائل والطوائف والعوائل، وأصابت التشاوريات والفرعيات بمقتل، فقادت الشباب إلى الفوز، وأطاحت بالمخضرمين، وقد توقع احد المرشحين حدوث ذلك فطلب من اقربائه أن يتنازلوا له ليدعموا موقفه «فنجح» كما في الدائرة الثانية، والعكس حصل في الدوائر الأخرى، حين غرتهم كثرتهم، فضاعت أصواتهم (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة) ومصداقا لقوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
6 ـ وكأني أرى نظرية الصوت الواحد (آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا) فبدأنا نشعر كشعب بأن لكل زمان دولة ورجالا.
وبدأنا نقتنع بأن لكل شيء تاريخ صلاحية وأجلا، مع اقتناعنا بأن لكل قاعدة شواذ.
7 ـ ثبت بالتجربة أن مرسوم الصوت الواحد سلاح دمار شامل للحزبية والقبلية والطائفية والتكتلات العائلية، وسلاح مضاد للانتخابات الفرعية، المسماة تشاورية، وانه وسيلة عادلة للاختيار، يعطي للفرد حقه وللجماعه حقوقهم دون زيادة أو نقص.
وأخيرا.. لمن يهمه الأمر:
مختصر القول في كلمتين: إن نتائج الانتخابات «تبشر وتنذر».
[email protected]