مع نسمات الصباح الباردة، هممت بالسعي لطلب الرزق كوني رب الأسرة وولي الأمر فيها، وعند الباب سألتني زوجتي رئيسة السلطة التنفيذية (طبعا للأسرة): ماذا تشتهون غداءكم اليوم لأطلب من الطباخ تنفيذه (حسب التسلسل الوظيفي)؟
قلت لها: لا ادري.. أي شي نأكله.
قالت: خلاص عرفت الأكلة اللي تحبها، غدانا «مطبق سمك» نوع السمك «الشيم» ومثل ما يقولون (الشيم للحشيم).
قلت لها: الله.. فعلا أكلتي المفضلة.. كثر الله خيرك، ولكن أنا واحد، اسألي بقية الرعية أبنائي وبناتي وأحفادي، فهم أكثر وأنت من سيزن الميزانية ويحدد الكمية ونوع الأكل حسب عددهم.. خذي رأيهم أولا، فهم الأغلبية، واهتمي برغبتهم ونفذيها فأنا وأنت أصبحنا في خدمتهم، نفرح لفرحهم، ونسعد لسعادتهم، واذا اجتمعنا على السفرة ورأيناهم يأكلون، نشعر بلذة الطعام ونشبع قبل أن نأكل، أتذكرين عندما شاركناهم بتصميم بناء الشالية وجدنا لديهم أفكارا جديدة، ورغبات تختلف عما فكرنا فيه، واكتشفنا ان لكل فرد منهم رغبة يتمنى ان تكون بالجناح الخاص به، كما لاحظت كيف كنت أسجل ملاحظاتهم لأنقلها للمكتب الهندسي، رغم غرابتها لكنها عندي مهمة جدا ويجب تنفيذها، ولأني أشركتهم وتشاركنا الرأي والمشورة في كل ما يخص الأسرة، وجدتهم يجتهدون ويعينوني في التنفيذ، ويخففوا عني العناء، وظهر إنجازنا على أكمل وجه، ووصلنا الى الهدف المنشود بأقل التكاليف وأقل جهد، فهم يسعون جميعا لإنجاح ما اقترحوه، ويقومون على متابعته والمحافظة عليه، لأنهم يشعرون انه منهم وإليهم.
أخيرا.. أتدرون ماذا كان غداؤنا؟ «إمووش» اجتمعنا وقضينا عليه، فكان سببا لاجتماعنا على السفرة، ولو نفذت زوجتي رأيها (مطبق سمك) لما اجتمعنا وأكلنا مع بعض، ولوجدت الأولاد يطلبون الوجبات السريعة الباهظة التكاليف.. شكرا لزوجتي الغالية على استشارة أبنائنا، والحكم بالأغلبية الديموقراطية، والشكر موصول لمن جمعنا وهي وجبة الـ «إمووش» أرخص ما خلق الله، وأسرع طبخة، وألذ وجبة، وخير من الوجبات السريعة و«الهامبورغر» التي لا نعرف مكوناتها؟ ولا كيف طبخت؟ وبيد من؟
وكما يقول المثل: «الدواء بأخس الشجر»..
حين أخلو مع نفسي أتساءل، لماذا لا يدار بلدي بهذه الطريقة؟ فبلدي بيتنا الكبير والحمد لله نحن شعب سمح وطيب، سهل، يقدر ويحترم، لماذا القيادة الإدارية ممثلة بالحكومة لا تشرك المواطنين بسماع افكارهم (لا أقول شكاواهم) أكرر أفكارهم واقتراحاتهم في أزمات البلد كزحمة المرور وغيرها، «فلا يحس بالنار إلا رجل وآطيها»، ولا يعرف الشوق الا من يكابده. لقد كان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتجول بالليل ليتحسس مشاكل المسلمين وكم اكتشف من المآسي، لم يكن لديه أجهزة أو وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، ليكتشف خللا في ادارته أو يتحسس مشاكل أمته وهو جالس في بيت، فمثلما هناك رقم للطوارئ وللنجدة (112) يعرفه جميع الشعب ويستخدمونه، فلا بد من الاستماع لرأي الشعب مباشرة دون «مناديب».
رجائي من سمو رئيس الحكومة أن يخصص أرقاما وحسابات إلكترونية (تويتر، واتساب انستغرام..، الخ) بالصوت والصورة تستقبل هذه الحسابات من المواطنين أفكارهم في حل المشاكل اليومية التي يعاني منها المواطنون، ربما من هذه الأفكار يظهر الحل الناجع، وربما من هذه الحسابات والأرقام يتمكن المسؤولون من كشف تقصيرهم، فتزيد نسبة انجازهم، وعلى سمو الرئيس أن يشكل جهازا من الشباب يقوم بتلقي ما يصلهم من رسائل، ومكالمات صوتية مسجلة ثم تصنف ويتم اختيار اصدقها وانفعها ويعرض على سمو الرئيس، أما الباقي فترسل للوزارات المختصة طالبة منها الرد.. وبذلك سيشعر المواطن بانه ساكن بقلب الوطن، وبأن الوطن ساكن بقلبه.
[email protected]