سيناريو هذا الفيلم غريب عجيب، ولا يرتقي لسياسة دولة تطمح ان تكون مركزا ماليا واقتصاديا في المنطقة، في هذا الفيلم اختلطت العواطف بالقوانين، والاقتصاد بالسياسة، وانكشفت أمور كثيرة وخطيرة، لو كنا جادين بمحاربة الفساد لانطلق الإصلاح من هنا، أي من إدارة أملاك الدولة، مثلما بدأت نهضة الكويت من إدارة أملاك الدولة حين استملكت الدولة بيوت المواطنين- في العاصمة- شرق والقبلة والمرقاب وباقي القرى للمصلحة العامة ثم انفرط العقد، وانقلبت الى مصالح شخصية، واغتصاب أراضي الدولة والتصرف بها بالبيع والشراء والبناء والتأجير، بحجة وضع اليد أو قدم العقود، لا يظن أحد أن الشعب غافل عما يجري لكنه يسمع قول الله عز وجل:
بسم الله الرحمن الرحيم
(ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين).
نعود لفيلم دكاكين المباركية لنحلل القصة، عناصرها:
1- عقار ملك الدولة (قديم - مستأجر بعقود رسمية - العقار يؤدي وظيفته الخاصة والعامة على أكمل وجه).
2- الدكاكين تحت مسؤولية وزارة المالية (المستثمر الأول حكومي) وكان يجب على الوزارة ان تحترم العقود المبرمة بين المواطنين المستأجرين وتحمي حقوقهم لا أن يسيل لعابها على دنانير القيمة الإيجارية التي قدمها المستثمر الجديد، دون وضع شروط عليه تحمي العقار التراثي وشاغلي العقار منذ عشرات السنين.
3- مستأجرون ملتزمون بشروط العقد.
4- مستثمر ثانٍ قطاع خاص (جديد او قديم) متعاقد مع وزارة المالية.
هؤلاء أربعة عناصر تربطهم علاقة (حقوق وواجبات) لا يجوز انفراد عنصرين منهم بقرار ملزم إلا برضى كل الأطراف.
أخشى ما أخشاه أن وزارة المالية بما تملكه من جيش من المستشارين (مواطنين ووافدين) أن يكون العقد مع المستثمر الجديد غفل عن حقوق المواطنين شاغلي الدكاكين، وأسهب وغلظ بالشرط الجزائي على الحكومة في حالة الإخلال بالعقد وبذلك نتذكر قضية «الداو كيميكال» وخسارة الكويت بآلاف الملايين (القصة مشابهة) وكمواطنين نطالب بمحاسبة مستشاري وزارة المالية، وتطهير الوزارة من الفاسدين.
المشهد الآخر دراما الإضراب، وتدخل القيادة السياسية (مجلس الوزراء) نتيجة إضراب 50 أو 60 فردا 80% منهم غير مواطنين في قضية قانونية واقتصادية ثم فرض الحكم السياسي عليها، وهذا الفعل له ترددات غير مستحبة أمام عالم الاقتصاد والقانون بالخارج يا من تريدون الكويت مركزا ماليا واقتصاديا.
هذه التمثيلية استغلها البعض للردح والاستعراض، وللأسف نجحوا بتخويف المسؤولين، وحصلوا على مطلبهم «بالإضراب».
ولو قارنا مشكلة الطيارين الكويتيين (40 طيارا) الذي فصلوا من وظائفهم منذ 4 أشهر وجلسوا في بيوتهم مما تسبب بفقدان رخص قيادتهم للطائرات، وقيام الحكومة بتوظيف طيارين أفغان وروس وغيرهما وستثبت الأيام القادمة.. كفاءتهم!
إن علاج القيادة السياسية لما حصل لدكاكين المباركية مؤسف ومخجل جدا كان المفروض استدعاء مستأجري الدكاكين والطلب منهم عدم الخوف من مطالب المستثمر الجديد لأن هناك قانونا للإيجارات وعليهم أن يسددوا الإيجار القديم لدى المحكمة وألا يلتفتوا للزيادة، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، وكما يعرف رجال القانون وكذلك أصحاب العقارات أن القانون يحمي المستأجر وأن أعلى سقف للزيادة %100 واحتمال كبير جدا أن المحكمة ترفض طلب الزيادة بالإيجار، وبذلك تحل المشكلة بالأصول وبالقانون دون تدخل سياسي يضعضع الثقة بسمعة الكويت الاقتصادية.
اسألوا أهل العقارات كم صاحب عمارة طلب زيادة في الإيجار 20 أو 30 دينارا ولم تستجب له المحاكم؟ القانون هو القانون سواء في مستأجري خيطان أو المباركية.
كلمة للسلطة التنفيذية والتشريعية: الكويت دولة قانون وتحترم عقودها وتعهداتها، لا يهزها إضراب أفراد يجهلون القانون وهو منصفهم لو كانوا يعلمون.
[email protected]