بدعوة كريمة من مجلس إدارة جمعية الصحافيين الكويتية حضرت لقاء مفتوحا مع معالي الشيخ ناصر صباح الاحمد الصباح وزير شؤون الديوان الأميري - رئيس فريق تفعيل رؤية حضرة صاحب السمو أمير البلاد (2035) بحضور أعضاء لجنة السياسات العامة والتنمية الادارية للمجلس الأعلى للتخطيط، كان لقاء رمضانيا ممتعا، بدأ بعرض فيلم عن مشروع تنمية واستثمار الجزر الكويتية، وإحياء طريق الحرير، كان سيناريو الفيلم أقرب للخيال، ما جعل الحضور، خاشعة أبصارهم، لا ينطقون، وكأن الطير على رؤوسهم، حتى انتهاء الفيلم، بعضهم كان متفائلا وواثقا بأن ما رأه سيتحقق، والبعض الآخر ربط تشاؤمه بالبيروقراطية، والفساد، والمعوقات الديموقراطية، والقانونية، والشرعية الموجودة حاليا بكل مفاصل البلد، وظهر صوت آخر شديد التشاؤم (وهو حر برأيه) يسأل: كيف تفكرون بهذا المشروع وإقليمنا مشتعل ومثخن بالمشاكل وذكر قطر وإيران وسورية والعراق وانفصال الأكراد.. الخ، ما سمعناه دليل صحة، فالناس فيما يعتقدون مذاهب.. دعونا مما سبق، ما شدني في ذلك اللقاء هو بزوغ قيادي متمكن وعملي، لا يترك سؤالا إلا ويجيب عنه، إنه معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد، الذي أبدع في هذا اللقاء.. موضوع اللقاء سمعناه كثيرا (طريق الحرير، تنمية الجزر، استثمار، اقتصاد، صناعة، مدن جديدة، سياحة وملاهي، طرق وقطارات.. الخ.
طبعا شبعنا من هذه الكلمات (وملينا من تكرارها) لكن هناك جملة خرجت من فم «أبوعبدالله» عندما ألقاها فإذا هي تلقف كل ما قيل، إنها جملة «الاستثمار الأمني» المضمون ليس بجديد ولكن المسمى جديد.
كلنا يعلم أن الاستثمار هو شراكة بين المال والفكرة، والعاملين، والمستهلكين، ولابد للاستثمار من ثمرة إما ربح او خسارة، يقول عز وجل (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) والبنون شراكة بين زوجين وثمارها الأبناء، ولنا في رسول الله قدوة حسنه، فقد دمج المهاجرين والأنصار بمشاركات مالية، ونسب عائلي، وتصاهر الصحابة بالأنساب، وأمر الله نبينا بالزواج تسع مرات بمختلف الأنساب.
وكلنا يعلم أن هناك ملوك وقادة عظام طبقوا نظرية «الاستثمار الأمني» فمعظم أباطرة وملوك أوروبا بينهم انساب، وكذلك عرب، في هذه الشراكة قوة تخيف الأعداء، وتقوي الأوطان، وتعز الإنسان، لذلك أعجبني وسرني هذا المسمى، وأعجبني يا «ابوعبدالله» أكثر تكرارك وقناعتك به، وأفرحتني النسبة 70 % من أعضاء مجلس الإدارة من المستثمرين، وما تحرير الكويت عنا ببعيد، فلولا وجود البترول الذي تشترك دول العالم معنا في ثماره لما اهتزت لهم شعرة عندما احتلت الكويت، وأنا على يقين أن غالبية هذا الجيل لا يعرف سبب «حرب السويس» أو ما يعرف «بالعدوان الثلاثي» على مصر، إن السبب يكمن في نظرية «الاستثمار الأمني» فالشراكة تمت بين مصر (بالأرض) وفرنسا وبريطانيا (بالمال) لشق قناة السويس بنظام B.O.T والعقد بينهم لـ 100 عام لسداد التكلفة، لكن بعد قيام الثورة التي أممت قناة السويس ومزقت عقد الشراكة التجاري، ووضع اليد على كل ممتلكات شركة قناة السويس العالمية، جعل فرنسا وبريطانيا تحرك جيوشها والاستعانة بإسرائيل لاحتلال قناة السويس فقط، هذا مثال قديم يبين قوة الشراكة المالية بتحريك الجيوش لحماية موطن الاستثمار.
وأخيرا أتمنى يا شيخ ناصر ألا ننسى الجانب الآخر من الاستثمار الأمني (مع أوروبا وأميركا فقط) وهو الشراكة بالنسب، لنحسن الحرث والنسل.
ونغني «وشبكنا الحكومة وبقينا قرايب».
أسأل الله العلي القدير أن يوفقكم ويعطينا جميعا طول العمر لنرى ثمرة هذه المشاريع.
[email protected]