«الذهب» هو معيار لكل شيء غالٍ، لدرجة أن الله سبحانه وتعالى تحدى به الكفار لغلائه وندرته، يقول الله عز وجل: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به..)
ومن صفات «الذهب» انه لا يتأثر بالزمان والمكان، لكنه يحتاج لمن يقدره، ويلمعه.
في الستينيات برز اللاعب حمد بوحمد في نادي القادسية ومنتخب الكويت، لعب في خط الوسط وأحيانا في الأجنحة، يعتبر من أصغر اللاعبين، وكان يتقن المراوغة بمهارة، فكان مدربوه يطلبون منه المراوغة داخل منطقة الجزاء فيتفنن في المراوغة حتى يفقد دفاع الخصم أعصابه فينقض على حمد (الصغير سنا، والقصير قامة، والضعيف جسمانيا) فيتدحرج بوحمد وكأنه سقط من جبل فيحتسب الحكم ضربة جزاء له، وكانت هذه حيلته في كل مبارياته، ولولا الملامة لقلت إن الـ «فيفا» بسبب مهارة حمد بوحمد في التحايل على الحكام وضعوا عقوبة على اللاعب الذي يتحايل على الحكم، هذا اللاعب كان ممتعا في لعبه، متميزا بحركاته وبرودة أعصابه، لم يستثمر مواهبه وإبداعه كما فعل غيره في المهن الأخرى، وقتها لم تكن الرياضة وسيلة للغنى أو سلما للمناصب، كانت تسلية وقضاء وقت.. لعب حمد.. وجد في لعبه، شارك في المعسكرات الخارجية مر عليه عشرات المدربين ومئات الزملاء ونال الكؤوس، ورفع علم بلاده في اكبر المحافل الرياضية وحمل ميداليات الذهب وكرمته دول وشخصيات، قضى عشرات السنين في مجال كرة القدم، عرف أسرارها وخباياها، يملك مخزونا من الخبرة والعلم الرياضي، ما يجعلنا نعتبره ثروة رياضية وطنية، إن أجمل وأسعد أوقاتي الآن حين أشاهد مباراة كرة القدم يكون معلقها الرياضي الكابتن حمد بوحمد، انه ليس كالمعلقين الآخرين الذين يصفون ما نراه (ما تراه العين لا يحتاج لوصف) انه يخبرك بما يفكر فيه اللاعب بالملعب والمدرب بغرفة اللاعبين ويعطيك نبذة عن خطة اللعب وعن نوعية الإصابات وهل يعقبها استبدال لاعبين أم لا، يعلن عن الخطأ قبل صافرة الحكم، لا يجامل لاعبين ولا مدربين ولا حكاما يقول ما يراه بصدق وعفوية، يجعل متابعيه وكأنهم في الملعب، لا يتفلسف بكلمات وجمل مكررة مللنا سماعها، إن هناك معلقين يجبرونني على غلق الصوت حتى لا اسمع تعليقاتهم المزعجة «والغثيثة» كالذي يكرر جملة «وكما تشاهدون» وهناك من كأنه يخطب في سوق عكاظ وليس وصف لعبة كرة (يشدد على بعض الحروف ويقعر حرف العين، وتشعر بأن كلامة يخرج من بطنه) يا اخوانا المعلقين خففوا من الكلام الزايد وكثرة المدح غير المرغوب فيه، فرغم أخطاء مخرجي النقل الذين يبعدون الكاميرا عن الحدث الذي نسمع تفاصيله من صيحات الجمهور، ان النقل التلفزيوني يجب أن يكون صادقا وشفافا.
وحتى اثبت لكم صدق كلماتي هذه استمعوا لتعليق بوحمد وقارنوا. وللأمانة يعلم الله انه لا توجد علاقة بيني وبين الكابتن حمد بوحمد، لكني اعتبره ثروة ومخزن أسرار رياضية وخبيرا باللعبة أتمنى أن نستفيد منها، الكابتن حمد بوحمد مواطن بسيط كالذهب الصافي غالي الأثمان لكن لم يجد من يلمعه ليظهر بريقه، ويضعه في مكانه المناسب، يا بوحمد الله يلبسك الصحة والعافية ويعطيك طولة العمر وتتحفنا بتعليقاتك وشرحك للعبة الشعبية «كرة القدم».
[email protected]