نبارك ابتداء لزملائنا في إدارة الفتوى والتشريع موافقة مجلس الوزراء على مشروع مرسوم العلاوة القضائية لهم، وسيفرحون أكثر بإقراره من صاحب السمو الأمير كما عهد عنه حفظه الله. وهذه العلاوة فيها واجبان الأول شرعي: فالله سبحانه له بها نصيب بمراعاته في إنفاقها والتصدق بنصيب منها، والثاني قانوني: فهي مرتبطة ومتسلسلة قانونا بأربع جهات هي النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع والإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية فضلا عن الإدارة القانونية بالبلدية، فالمادة 10 من قانون إدارة التحقيقات باختصار المسمى رقم 53/2001 تنص على أن مرتبات وبدلات وعلاوات أعضائها تحدد بما يتناسب مع نظرائهم أعضاء النيابة العامة، وفي مقابل ذلك تنص المادة 33 من قانون البلدية رقم 5/2005 على أن يعامل أعضاء الإدارة القانونية بالبلدية معاملة نظرائهم أعضاء إدارة الفتوى والتشريع في المرتبات والبدلات والعلاوات والمزايا المادية والعينية.
هذان القانونان نصا على معاملة محققي التحقيقات ومحامي البلدية معاملة نظرائهم في النيابة العامة وإدارة الفتوى والتشريع، والنظير لغة هو المثيل والمساوي، وشواهد هذه المثلية كثيرة منها أن النيابة العامة وإدارة التحقيقات كل منهما يحرك الدعوى العمومية ويمثل المجتمع فالأولى بشأن الجنايات والثانية بشأن الجنح كما أن لكل منهما سلطة التحقيق والادعاء والتصرف وغير ذلك، وفي مقابل ذلك محامو الفتوى والتشريع ومحامو البلدية كل منهم يمثل الدولة أمام القضاء ويدافع عنها في القضايا سواء أكان مدعى عليها أو مدعية، كما أن الجهتين إدارة الفتوى والقانونية بالبلدية تتماثلان بوجود أقسام للفتوى والعقود والتحقيق وصياغة مشاريع القوانين واللوائح، وفي البلدية قسمان مثمران للدراسات القانونية وآخر لتجميع المبادئ وغير ذلك.
أمام هذه الحقائق نجد أن اقتراح إلحاق المحققين بالنيابة العامة إنما هو عودة الجزء إلى الأصل وتوحيد لمسلك الدعوى العمومية وتمثيل المجتمع، ومن يحط من مكانة محققي الداخلية سعيا لقطع طريق الإلحاق بالنيابة العامة ومن ذلك قول إحدى الكاتبات ان في ذلك عسكرة للقضاء إنما هو ناجم عن جهل مركب، فأولا الجهل بالتماثل المذكور أعلاه بين النيابة والتحقيقات وثانيا الجهل بأن أغلب أعضاء تلك الإدارة من المدنيين لا ضباط عسكريين، وبلا شك ستقر ضوابط في تشريع الإلحاق ـ إن أقر ـ بما يتوافق مع طبيعة عمل النيابة.
هذا النفس المريض نجده كذلك مع محامي البلدية بتقليل البعض من أهمية عملهم وضرورته وتماثله مع نظرائهم من محامي إدارة الفتوى والتشريع من الناحية العملية والمادية بتجاهل مريب لمواد القانون السالفة، هذا التجاهل لا نجد سندا قانونيا له بل هو علة نفسية لا نصية.
نختم بأن القانون لا يقبل الابتسار والاجتزاء ووضوح النص لا يقبل التأويل وصراحته لا تحتمل التفسير فلا اجتهاد مع وضوح النص، وهذا ما سيراه المنصف الذي يحكم بعقله لا هوى غيره أو نفسه، وسينطق به العادل الذي يعطي كل ذي حق حقه ولا يلوي أعناق النصوص ولا يغالط نفسه بالاشتغال بمنع الخير عن الغير بتحوير مقصد المادة المطبقة، إن وجد هؤلاء العدول ولا يعدمون في الداخلية والبلدية فتطبق العلاوة القضائية على النظراء كما اعتمدت للنظراء وهذا عبء كبير يحمله المديرون الأكفاء ذوو الشأن والوزراء المختصون المؤتمنون على تطبيق القوانين المقسمون على أداء أعمالهم بالأمانة والصدق.
[email protected]