هلّ شهر القرآن وهبت هبوب الخير والأجر، ومغفرة ما تقدم من ذنب لمن كان عمله كله إيمانا واحتسابا لله سبحانه في الصيام وفي القيام ولمن قام ليلة القدر كما ورد بالأحاديث الشريفة، فبالتوحيد والإنابة له والتسليم لحكمه وفرضه كان الإيمان واحتساب العمل لله وحده فهو الواهب للأجر الجزيل والخير الوفير، ونستذكر في هذه النسمات الهفهافة كيف كانت الكويت في رمضان قديما بصفاء النفوس وعمل الخير المتعدي حيث التراحم بين الجميع وأخصهم الأقرباء، والتلاحم بين أبناء الشعب الواحد الذي كالجسد الواحد يتألم بمضرة فئة منه فيبادر لبلسم جراحها واستبدال الألم بالمسرة، الآن تغير الزمن وتغير بعض الناس إلا الخيرين، فهم باقون وسيبقون للخير ناشرين وللوحدة مجمعين ولسمو البلد ساعين، حق بدخول هذا الشهر الفضيل أن نبارك للكويت قيادة وشعبا قدوم شهر رمضان، جعلهم الله سبحانه من مغتنمي فضائله ومن العائد عليهم بصحة وطيب حال ومآل.
موقف طريف ذو أبعاد واقعية مناقضة: مع إطلالة شهر القرآن والصيام جعلنا الله سبحانه وإياكم ممن يقوم بحقه ومن عتقائه من النار نذكر هذه الواقعة الطريفة ذات المغزى والتي نشرت في 25 من رمضان عام 1428 الموافق 7/10/2007 في صحيفة الرياض تحت عنوان خمسينية تطلب الطلاق لأن زوجها حاول كشف برقعها، وفي التفاصيل أن «أحد سكان القرى في جنوب بادية خميس مشيط فوجئ بأن أمه تركت البيت الذي عاشت فيه لأكثر من 30عاما وطلبت الطلاق من والده على الرغم من أنهما تجاوزا سن الخمسين، ثم بتحري الابن عن السبب عرف أن أباه حاول كشف برقع أمه وهي نائمة لرؤية وجهها، فمنذ أن تزوج الأب الأم من أكثر من 30عاما لم ير وجهها عملا بالتقاليد، وأضافت انه بعد هذا العمر يحاول أن يرتكب خطأ كبيرا في اعتقادها. وتحمل الزوج تبعات هذا العمل ووجه اعتذارات مكررة لزوجته وأم أولاده وقدم وعودا متكررة بعدم محاولة رؤية وجه زوجته الخمسينية.. مرة أخرى».
هذا الخبر قد لا يصدقه البعض مع هذا التشدد بالحشمة والستر حتى من الزوج الذي يباح له من زوجته ما لا يباح لغيره وهذه العادات والتقاليد المبالغ فيها وإن سما المقصد بها بتربية تأصلت على الاحتشام ولبس ما هو فضفاض من الهندام، نجد على النقيض من ذلك ما نراه من محاربة النقاب في جامعات مصر ثم سورية وصولا إلى ما هو متوقع وغير مستغرب بحظره قانونا في الأماكن العامة في فرنسا، فبهذه الأخيرة تنزوي الحرية الشخصية المدعاة وبتلك الدول العربية تكثر مبررات الحظر غير المقنعة التي يكفي القول إن الرد الجامع عليها وجود نسوة مفتشات على الطالبات المنتقبات في أي مكان في الجامعة دون أن يصل الأمر إلى حرمانهن من أحد حقوقهن الأصيلة والشرعية والقانونية بالحق بالتعليم والمعاملة بالمثل لنظيراتهن غير المنتقبات.
تزامن تلك الحوادث يظهر أن الأمر ليس محل مصادفة، خاصة أنه يسهل فرض القيود وتكثير الموانع في أي موضوع دون فتح بدائل وهذا من سوء الإدارة وقلة المدارك، فالطريق الذي يطرقه بعض الناس إذا ما أغلق لابد من فتح طريق مواز وعمل تحويلة له وإلا عد المهندس مهملا جاهلا بأسس التخطيط والتنفيذ مستحقا للعقاب، وهذا حال بعض مسؤولي الجامعات مع الأسف.
ويحق ختاما أن نشيد بمدير جامعة الكويت بتنفيذ قانون عدم الاختلاط والالتزام بالزي المحتشم للذكور والإناث، فمراتع التعليم وتنمية العقول أسمى وأعلى من عروض الأزياء وإظهار المفاتن.
[email protected]