جملة كنا نسمعها قديما في المسلسلات وتتكرر في الأفلام العربية بأن تلجأ للقضاء إن كنت متضررا من قرار إداري أيا كان أو تصرف شخص مضر دون سند أو تعد على الحقوق بشأن مواضيع قد لا يختلف عليها اثنان بأحقية المتضرر في الإنصاف السريع، والآن أصبح اللجوء للقضاء واقعا ملموسا بقضايا كثيرة تئن منها المحاكم وتزدحم بها رفوف مكاتب أمناء سر الجلسات، والسبب قرارات بعض الوزراء أو المديرين غير المنصفة والذين لا معقب على قراراتهم إلا من القضاء أو انزواء سلطة الوزارة المختصة بالتدخل السريع المانع من تفاقم كل تعد على الحقوق العامة أو الخاصة أو منع تصاعد درجات الضرر إلى الجسامة، ورأينا ذلك الانزواء في منهج وزارة الأشغال في محطة مشرف ومنهج وزارتي الداخلية والإعلام مع ما فيه اساءة على الفضائيات.
المسؤولية أمانة وهي خزي وندامة كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم لمن لم يأخذها بحقها، وتدل كثرة عدد القضايا المنظورة امام المحاكم على أمور عدة مشؤومة مع الأسف منها:
أولا: أن بعض الإدارات يوسد فيها الأمر الى غير المؤهلين بل هم نتاج وسائط وترضيات مع الأسف ورأينا ذلك من وقت قريب في الهيئة العامة للمعاقين وغير ذلك كثير لم يسلط عليه الإعلام ضوءه.
ثانيا: أن شعور الإنسان بالظلم دون إنصاف سريع يدفعه إلى اللجوء للقضاء مكرها طالبا للإنصاف والعدل، رغم علمه بأنه سيعاني الأمد البعيد وتعدد التأجيلات حتى الفصل النهائي في القضية بمدة لا تقل عن 3 سنوات، وهي فترة مريرة تسفر عن حرقة بالصدر، والسبب ذلك المسؤول الظالم.
ثالثا: من الأسباب الجوهرية في ازدحام المحاكم بالقضايا أيضا أن بعض المسؤولين الذين يتم التظلم من قراراتهم لا يطبقون إجراءات التظلم الصادر بها مرسوم خاص، خاصة أن حكم التمييز رقم 300/98 تجاري إداري الصادر في 11 يناير 1999، قضى بأن المرسوم الصادر بشأن إجراءات التظلم من القرارات الإدارية والبت فيه حرص «على أن ترسل جميع الأوراق والمستندات الخاصة بموضوع التظلم بما فيها رأي الجهة التي أصدرت القرار الإداري ورأي ديوان الموظفين إلى إدارة الفتوى والتشريع وتقوم تلك الجهة بفحص التظلم وموافاة الجهة المختصة برأيها وتبت السلطة المختصة في التظلم بقبوله أو رفضه خلال 10 أيام من تاريخ ورود رأي الفتوى والتشريع إليها» هذه الإجراءات اللازم اتباعها مع الأسف لا تفعّل ولا تطبق إلا ما ندر، ومما يدل على ذلك كثرة التظلمات التي ينتهي الأجل المقرر لها قانونا لرد الجهة الحكومية دون أن ترد صراحة بقبول التظلم أو رفضه، مما يدفع المتضرر للجوء إلى القضاء للرفض السلبي.
نختم بأن بعض مسؤولينا يشيدون بالدول الغربية واحترام شعوبها للقوانين والأنظمة وينسون أنفسهم، أليس من الإنصاف واحترام الذات أن يطبق الشخص ما يقوله ويصرح به على نفسه ما دام فيه سمو بالعدل وعلو بالحق ونشر لثقافة المساواة بين أفراد المجتمع؟! والأهم من ذلك تخفيف تكدس القضايا التي تئن منها المحاكم، والعمل على إسعاد صاحب الحق.
[email protected]