نشرت لنا مقالة في الزميلة «عالم اليوم» في 19/ 12/2009 بعنوان «المبادرة بالتصرف أولى صفات وسمات رجال الدولة» نعيد نشرها في «الأنباء» الغراء لأنها تعالج سبل وأد الفتنة أيا كان وجهها ومشعلها، كما أنها توثق القول بأمثلة فعلية من الأخيار السالفين ممن عهد اليهم بأمانة إدارة المسؤولية، ثم سننزل ذلك على فتنة الإفك الحديث.
المبادرة بالتصرف الحكيم من صفات وسمات رجال الدولة سواء أكان إيجابا أم سلبا بحسب الحادثة او الواقعة لأن التهاون او التردد من السلطات التنفيذية بشأن واقعة معينة تترتب عليه ردود أفعال ينجم عنها ضرر أكبر ومفسدة أعظم ونتائج مؤسفة، وصفة المبادرة قد تكون مختلطة بشخصية الرجل وقوتها، وليست كل شخصية تتصف بهذه الصفة الفذة، وهو ما يجب سبر أغوار شخصيات المرشحين لمناصب عليا، فإن لم يتصفوا بصفة الحكمة والمبادرة بالتصرف لا يوسد لهم الأمر على رقاب ومصالح وحوائج الناس.
وأولى وأوجب المبادرات بالتصرف وأد الفتنة، والمبادرة بقمع النافخ فيها، الموقد لشررها، وهذا مسلك وهدي خير البشر والمرسلين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في وأد الفتنه سواء التي كادت ان تشتعل بين الأنصار والمهاجرين، او تلك التي نفخ فيها رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول لما قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فلنقرأ بعمق حسن التصرف والمبادرة السريعة بالعمل ومنهج وأد الفتن في مهدها، ثم تصرف أول الخلفاء الراشدين أبي بكر رضي الله عنه الحكيم فهو ولي الأمر المبادر بقوة لقطع دابر فتنة المرتدين ومانعي الزكاة فلم يسكت حتى يكون هناك ردة فعل أقوى ليتصرف، فتلك أمة راقبت الله سبحانه بقولها وفعلها لم تهادن أهل الفتن كما ينطق واقع الحال بمسؤولي اليوم مع الأسف.
يحق لنا أمام ما نرى من تهاون وتكاسل من بعض المسؤولين عن القيام بواجباتهم أن يقرأوا منهج النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه رضي الله عنهم أجمعين بشأن المبادرة بوأد الفتن قبل ردود الأفعال، وكفانا خذلانا وانطواء وانزواء في بوتقة التردد والضعف والتهاون، فدرء المفاسد مقدم على غيره، وأول الفساد التردد والتهاون ممن بيده السلطة يترتب على هذا الأخير عدم البر بالقسم والأمانة في العمل، والصدق في القول، فضلا عن عدم التجرد من الفئوية، فحق سبر الأحداث بحق وعدل وتطبيق منصف للقوانين على الكل، لعل الله سبحانه يرزقنا برجال دولة أتقياء، أنقياء، أصفياء وعادلين في قولهم وفعلهم، بالتصرف الحكيم مبادرين». هذه المقالة التي مضى على نشرها ما يربو على 8 أشهر ليتها وجدت آذانا صاغية من حكومتنا ومستشاريها وليتها اعتمدت منهج المبادرة في التصرف بدرء الفتن ووأدها في مهدها لكفتنا فتنة الإفك (وهو أشد الافتراء وأعظمه) الحديث والبهتان العظيم من ذلك المواطن المارق المدعو ياسر، الخبيث منهجا وفكرا وسلوكا المتعدي والمتمادي على أم المؤمنين عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها وأرضاها بالسب والقذف وإفك لوقائع من نسج خيال ذلك المريض وتأليف للقصص واستحداث للأحداث وادعاء علم الغيب والطعن بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أليس هذا هو الإفك الحديث، ألا يدل ذلك صراحة على سوء خلق قائله ودناءة منبته وسقم فكره وانحراف معتقده؟ أليس في ذلك طعنا مباشرا بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ فالطعن بزوج الرجل ونسائه طعن فيه، وأكبر من ذلك أليس في ذلك التعدي البواح على مقام النبوة وفراش وسكن المصطفى صلى الله عليه وسلم لمز خفي بغش الله سبحانه لنبيه بعدم نهيه له عن الزواج منها حاشاه سبحانه ورحمها الله ورضي عنها وأليس في ذلك الإفك تكذيب للقرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الذي نص على طهارة بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأهله ومن أهله أزواجه، وتكذيب لقوله تعالى (وأزواجه أمهاتهم) فضلا عن تكذيب القرآن الكريم الذي برأها من الإفك القديم هذه البراءة والطهارة الباقية ليوم الدين شاملة لهذا الإفك الحديث.
كل ما سبق من متفرعات ناجمة عن قول ذلك الخبيث تمثل جريمة من الجرائم المعاقب عليها قانونا في قانون الجزاء الكويتي الذي يطول مداه كل كويتي يرتكب جريمة خارج الكويت معاقبا عليها فيها مادام لم يعاقب في الدولة التي هو بها، بل ما سبب عدم المطالبة بتسليمه باعتباره فارا من حكم قضائي؟ وما سبب تلكؤ حكومتنا التي عليها أمانه ترجمة أقوالها بتطبيق القوانين الى أفعال لحفظ هذا البلد وثوابته ورواسيه ووحدته ممن ينخرون بها بطرق شتى؟ وما سبب عدم المبادرة بوأد الفتنة في مهدها؟ أين تلك الإجراءات القانونية التي طال انتظار الشعب الكويتي لها؟ وهل ستكون هذه الإجراءات مع هذا الشخص الذي عادى أسس دولته وأركانها وهدم معتقد شعبها بفكر منحرف بمسطرة المساواة والمماثلة على نحو الإجراءات المتبعة فيما مضى مع من عادى بفكره المنحرف دولة صديقة حليفه للكويت؟
[email protected]