إذا ما عرض متهم في فعل مجرم على المحكمة فإنه بعد الإحاطة بالواقعة ودلائل الاتهام وسماع الدفاع فإن المحكمة اذا ما رأت إدانة المتهم فإنها قد لا تحكم بعقوبة مقيدة للحرية ولا بالغرامة وإنما تقرر الامتناع عن النطق بالعقاب مراعية طبيعة الجريمة وتاريخ الصحيفة الجنائية للمتهم، وهذا الامتناع هو نطق جزائي معلق على شرط فاسخ، وهو شرط حسن السير والسلوك خلال مدة تحددها المحكمة، وعليه فأي جريمة جديدة خلال هذه المدة يفسخ هذا الشرط وتحرك الدعوى الجزائية السابقة مجددا وينطق بالعقاب.
وحدث ان رشح نفسه أحد المحكوم عليهم بالامتناع عن النطق بالعقاب لعضوية مجلس الأمة فقضت المحكمة الدستورية إلى افتقاد المرشح بذلك شرطا من الشروط الواجب توافرها فيمن يرشح نفسه في الانتخابات وهو شرط حسن السمعة (الطعن الدستوري 35/2009 طعون انتخابات المجلس البلدي 2009 الصادر في 28/10/2009).
وعن شرط حسن السمعة قالت المحكمة الدستورية عند تحدثها عن شروط الانتخاب والترشح «غني عن البيان أن ثمة شرطا آخر لا ريب فيه هو شرط حسن السمعة، وإنه وان كان قانون الانتخاب لم يورده ضمن الشروط اللازمة للترشيح إلا ان هذا الشرط تفرضه طبيعة الوظيفة النيابية لعلو شأنها وأهمية مسؤوليتها وخطورة واجباتها، ويعد هذا الشرط وفق ما هو مستقر عليه من الأصول العامة في التوظف وتقلد المناصب النيابية والتنفيذية ولا يحتاج الى نص خاص يقرره، وهو شرط يتعلق بالسلوك الشخصي للمرشح ويقصد به ألا يكون قد اشتهرت عنه قالة السوء او التردي فيما يشين، صونا لكرامة السلطة التشريعية وحفظا لهيبتها وضمانا لتمثيل الأمة في مجلسها النيابي بتخير من ينوب عنها أحسن تمثيل، وهذا الشرط مستقل بذاته عن الشرط الوارد بالمادة (2) من القانون سالف الذكر (قانون الانتخاب) فلا يلزم لسوء السمعة صدور أحكام في جرائم مخلة بالشرف او الأمانة ضد المرشح، كما لا يصح الاستدلال على سوء السمعة بمحض اتهام يقوم على مظنة الإدانة» (الطعن الدستوري رقم 8/2008 طعون انتخابات مجلس الأمة 2008 الصادر 16 يوليو 2008).
وجدير بالذكر ان ما يشترط لعضو مجلس الأمة يشترط كذلك لمن يكون وزيرا ويسري شرط حسن السمعة أيضا على من يتقلد المناصب التنفيذية كما ذكر الحكم أعلاه، وهو شرط متعمق بالقدم ومرتبط بالأخلاق كذلك التي قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم يبلغ بها الرجل درجة الصائم القائم.
ومنا الى من يهمه الأمر ومن بيده تطبيق القانون خاصة ان أحكام المحكمة الدستورية ذات حجة على الجميع فيما تتضمنه من أسس ومبادئ وليست قاصرة على أطرافها بصريح المادة الأولى قانون إنشائها رقم 14/1973.
lowwersalman@