الحصانة أيا كان نوعها نستطيع ان نجمل معناها بثلاثة معانٍ هي الحماية والوقاية والرعاية لمن قررت له وكلها يسند للدولة كفالة تفعيلها والعمل بجد ومسؤولية على تطبيقها.
والحصانة انواع عدة تكاد تكون الحصانة الديبلوماسية أعلاها مرتبة فقد تعاضد بها عدة أمور منها انها نابعة من اتفاقية دولية هي اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية الصادرة في عام 1961 ومنضمة لها أغلب الدول المعتبرة ان لم يكن كلها وبنفس الوقت معتمدة كقانون وتشريع محلي نشر بالجريدة الرسمية بالدولة وملزم لها ومواطنيها وكافة من على أرضها، وهي بهذا اتفاقية قانونية دولية.
وبيانا لأهمية تلك الاتفاقية القانونية ووقوفا على مضمونها، ومدى صحة ما اتخذته المملكة السعودية من إجراء بإغلاق سفارتها بالقاهرة وقنصليتها بالإسكندرية بعد الأحداث المؤسفة والأضرار والإساءات التي تعرضت لها، كان سبر بعض نصوص تلك الاتفاقية لنقف على سند المملكة فيما اتخذته من إجراءات احترازية واحتياطية منعا للتمادي بالإساءة، فوجدنا الجواب في المادة 22 من اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية الصادرة في عام 1961 تنص على ان:
1- للأماكن الخاصة بالبعثة حرمة مصونة، فلا يجوز لرجال السلطة العامة للدولة المعتمد لديها دخولها ما لم يكن ذك بموافقة رئيس البعثة.
2- على الدولة المعتمد لديها التزم خاص باتخاذ كافة الإجراءات الملائمة لمنع اقتحام الاماكن التابعة للبعثة أو الاضرار بها أو الإخلال بأمن البعثة أو الانتقاص من هيئتها
3- الأماكن الخاصة بالبعثة وأثاثها والأشياء الأخرى التي توجد بها وكذا وسائل المواصلات التابعة لها لا يمكن ان تكون موضع أي إجراء من إجراءات التفتيش او الاستيلاء او الحجز او التنفيذ)
هذه المادة ببنودها تركز على مسؤولية الدولة المعتمد لديها في حماية السفارة واعضاء بعثتها وما بداخلها والعمل على منع كل تعد عليها والوقاية المسبقة بخطط معدة للحد من دواعي كل ما يضر ناهيك عن رعاية أعضاء البعثة والعاملين بالسفارة ايا كانت جنسيتهم بتوفير الأمن والسلم لهم.
ما حدث بمصر الشقيقة طارئ اشتعل سريعا وايا كان سببه ودواعيه فقد أظهر تراخيا من الحكومة المصرية والمجلس العسكري في اتخاذ ما يلزم من إجراءات ملائمة كما ورد بالنص تمنع الإضرار او الإخلال بأمن البعثة وهو تراخ دفع حكومة السعودية لاتخاذ إجراء إغلاق سفارتها وقنصليتها وهو عمل مقنع وتصرف حكيم للحيلولة دون أي تماد أو تطور مسيء.
لا شك ان مصر اليوم ليست كالأمس ورجال اليوم أيضا ليسوا كالأمس والواجب ألا يترك دهماء الناس يسيئون لأهل مصر، فالإساءة لأي سفارة دولة عربية ناهيك عن انه يرتب المسؤولية السياسية والدولية فهو أعمق من ذلك، حيث يقطع أوصال جسد واحد أنهكته الجروح ورقص على آلامه الأعداء بالشرق القريب والجار بالوطن السليب والغرب الغريب.