أعتقد أن تقلد منصب الوزير وتحمل أعباء مسؤولية الوزارة ليسا بالأمر السهل، فهذه المسؤولية وإن كانت تبدو ـ لمن لم يمارسها ـ في ظاهرها «كشخة وبرستيج ورزة» إلا أن باطنها التعب والقلق والخوف من كل كبيرة وصغيرة أو خلل يتعلق بالوزارة.
بالأمس تلقيت خبرا بتعييني وزيرا لوزارة اسمها «القضاء على الواسطة» ومهمتها أن تحارب آفة الواسطة في البلاد، وتساعد العباد، إيمانا منهم بقدراتي الفكرية، فأبلغت «العيال وأمهم والعائلة والأصدقاء» بالخبر السعيد، فقالوا لي «مبروك ولا تنسانا وتمشي معاملاتنا»، ما اهتممت بكلامهم، واشتريت «بشت كشخة» لزوم الوزارة أعلاه، وكنت راغبا في داخلي بأن أغير وأعدل من القوانين البالية والروتينية التي تثقل كاهل المواطن وتتعبه حتى يسجل اسمي بأحرف من «نور» وكل الأسماء الحلوة في هذه الوزارة.
وصـــباح أمـــس ومــــنذ ان دخلت وزارتي ـ صـــــارت ملــــكا لـــي ـ أصــــدرت قرارا يسمح بموجبه بأن يدخل مكتبي أي مراجع لديه استفسار او مشكلة او معــــاملة ويريد مقابلتي بشأنها، لأحل مشكلته وأجيب عن استفساره.
قمت بجولة تفقدية على الموظفين في وزارتي، لأفاجأ بأن البعض غير موجود في الوزارة (خارج بدون إذن) والبعض الآخر يأكل «فول وحمص ومسبحة وفلافل على طاولة المكتب»، عرفت بعد ذلك أنهم معينون بالواسطة عندي، وأن أكثرهم يحبون الخروج أثناء الدوام من دون سبب أو يأكلون «ولهم ولاء كامل من المهد إلى اللحد لهذين الشيئين» فأصدرت تعميما على جميع الادارات والأقسام التابعة لوزارتي، بأنني سأقوم بزيارات مفاجئة لمتابعة العمل والوقوف على كيفية التعامل مع المراجعين واحترام قدسية العمل.
وأصدرت قرارا لمدير مكتبي بمنع قبول أي معاملة غير قانونية وفيها تجاوز على القانون.
ثم بعد ذلك طلبت من مدير مكتبي أن يجهز قرارا لأوقعه فورا بصرف مكافأة لكل موظف حريص على عمله ولا يتجاوز القانون، ولا يتمارض، ويقضي ساعات دوامه كاملة، وينجز معاملات المراجعين.
واستقبلت المهنئين وتلقيت برقيات التهنئة، وجاءني اتصال من «أحدهم» يطلب مني أن أعمل كذا وكذا وكذا (واسطة يعني) وهذا مخالف للقانون ولا أقبل تجاوزه، فقال لي بالحرف الواحد «انتظرني في الأيام القادمة»، فاستيقظت من النوم على «جرس المنبه» للذهاب للعمل فحمدت ربي وشكرته لأن تعييني وزيرا ما هو إلا حلم وليس حقيقة.
آخر الكلام:
كل الشكر والتقدير لنائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون التنمية ووزير الاسكان الشيخ أحمد الفهد على القرارات المتعلقة بخدمة الرعاية السكنية، وخصوصا ما يتعلق منها بالسماح للابن الاخير بالتقدم بطلب للرعاية السكنية، وإعادة صرف بدل الإيجار للاسرة التي توقف عنها البدل نتيجة ورود اولوياتها بالتوزيع، وقد استطاع الوزير الشيخ أحمد الفهد أن يفعل ما عجز عنه الآخرون، وقراره هذا خطوة في الاتجاه الصحيح، واراحت الكثيرين.