من الظواهر الغريبة، التي لاحظها كثير من المديرين والمديرات في المراحل الدراسية المختلفة وكذلك المعلمون والمعلمات، انتشار حالة من عدم الاهتمام واللامبالاة بين الطلاب والطالبات في التحصيل الدراسي، وهي حالة رغم انها ليست جديدة، الا انها تنتشر انتشارا واسعا هذه الأيام، فترى الطالب يتراخى ويتهاون في تحصيل دروسه ومتابعة واجباته، وهو الحاضر الغائب في الفصل، و«لا حياة لمن تنادي» رغم كل الأساليب التي اتبعت معه لترغبيه في الدراسة، وتحبيبه فيها. ولعل ما أعرضه في هذا المقال يقف على اسباب ما وصل اليه حال طلابنا، وقد يكون من هذه الأسباب:
ـ قيام كثير من أولياء الأمور بالاستعانة بالمدرس الخصوصي او المعهد حتى لا يشعروا بتأنيب الضمير او القصور تجاه ابنائهم، الأمر الذي يجعل الطالب يشعر بأن ذهابه للمدرسة مجرد مضيعة للوقت طالما ان الدروس ستعطى له في وقت لاحق.
ـ كثرة الاختبارات (سواء القصيرة منها او الطويلة) جعلت الطالب يشعر بالملل، وأقترح ان تعمل وزارة التربية على تعديل لائحة تقويم الطالب، بحيث يتم تقسيم العام الدراسي الى فصلين كل فصل فيه 50 درجة، ومقسمة الى 40 درجة اختبار نهاية الفصل و10 درجات اعمال يومية تكون موزعة على الفترات، بحيث تكون الاختبارات القصيرة في الفترة الواحدة على ثلاث مرات ويختار افضل اختبارين من الثلاثة، والهدف من ذلك تخفيف الضغط النفسي على الطالب وولي الأمر، ويتم كذلك وضع اجازة يوما واحدا او يومين بعد اختبارات الفترة مباشرة للطلاب.
ـ الطريقة التي يستخدمها معلم الفصل في احيان كثيرة تكون تقليدية، الأمر الذي يجعل هذا الدرس مملا للطالب.
ـ تفكير الطالب بأمور قد تكون مهمة بالنسبة له وهي «النت» والهواتف النقالة والألعاب وغيرها بما فيها من سلبيات وايجابيات، وسهولة الحصول عليها، والتي أصبحت في متناول يديه.
ـ عدم وجود عوامل الجذب في المدارس، حيث ان الطالب بحاجة الى مساحة أكبر من اللعب والتنوع والتركيز على المهارات أكثر.
ـ غياب الدافع لديه يجعله يتراخى في التحصيل الدراسي.
ـ الضعف التراكمي لدى كثير من الطلاب في مواد معينة يجعلهم غير قادرين على فهم المادة ومجاراة زملائهم في الفصل، الأمر الذي يؤدي الى كراهيتهم للمدرسة.
ـ كراهيته لبعض المواد الأساسية تجعله يفكر في الهروب من الحصص في بعض الأحيان لشعوره بالملل من هذه الحصة او تلك، ويجب ان نعمل على التنوع في أساليب التدريس واستخدام الطرق الحديثة في الشرح لأن هناك طالبا سمعيا وآخر بصريا وآخر حركيا، وكذلك العمل على فاعلية الطالب وعدم اعتماده على تلقي المعلومة من المعلم.
ـ الكم الكبير للمقرر الدراسي الذي يعتمد في الغالب على الحفظ يجعله يكره المادة ويشعر بثقل الساعة الدراسية، ويصبح شارد الذهن ويعيش في حالة من النسيان لكي تنقضي هذه الساعة على خير، فالمطلوب هو الاعتماد على الكيف والمضمون وليس الكم، فمن الأفضل ان يفهم طالب خمسة مواضيع فهما وتطبيقا افضل من حفظه لكمّ كبير من المعلومات دون فائدة.
ـ عدم استطاعة الكثير من مدارسنا على الأخذ بأيدي المواهب الموجودة والمتميزة بين طلبتنا والاستفادة منها وتطويرها ليكونوا بناة المستقبل، بمعنى ان طالبا لديه ميول فنية او رياضية او غيرها فإنه من الصعب ان نكتشف هذه الموهبة او تلك لعدم وجود الوقت الكافي لذلك، مع ان هناك نشاطا في المدارس لمدة ساعة في الأسبوع لكنها غير كافية لاكتشاف مثل هذه المواهب. نتمنى، ونحن نعيش ايام الامتحانات النهائية، ان نرغب ابناءنا في الدراسة والتحصيل العلمي، لأن استثمار الانسان هو افضل انواع الاستثمار، وهي مسؤولية جماعية نتحملها جميعا من معلمين وأولياء أمور وحكومة ومؤسسات مجتمع مدني. ونتمنى من وزارة التربية ان تعمل على تقديم الاختبارات رأفة بأولادنا في هذا الجو الحار والخانق جدا، والعمل على تقديم اختبارات الورقة الاولى لمادتي اللغة العربية والانجليزية بسبب تواجد الطلاب في المدرسة حتى وقت متأخر في هذا الجو الحار.
آخر الكلام: بطولة كأس العالم في كرة القدم تتزامن انطلاقتها مع بداية اختبارات النقل للمراحل المختلفة وتأتي بعدها اختبارات الثانوية العامة، وأعتقد ان ذلك سيؤثر في تحصيل ابنائنا الدراسي، وذلك بسبب متابعتهم للمباريات، ونأمل من وزارة التربية الموقرة في خطتها المستقبلية مراعاة مثل هذه المناسبات الرياضية في حسبانها والعمل على تقديم الاختبارات.
[email protected]