مما لا شك فيه أن قيام وزير التربية «بوأنس» بتخصيص رقم هاتف شخصي لتلقي رسائل مباشرة من أولياء الأمور والطلبة والإدارات المدرسية حول ما يتعلق بالأمور التعليمية والإدارية الخاصة بالمدارس هي خطوة إيجابية بحد ذاتها وجانبها الكثير من الصواب ولكنها صعبة التنفيذ لأسباب كثيرة، فليعذرني بوأنس لصراحتي، وكما ذكرت لك في مقالة سابقة «إلى المليفي من القلب إلى القلب» بأنني لست من النوع الذي يقول للخطأ «تمام يا فندم» ودعني أوضح لك الأسباب وليتسع صدرك الذي أعرفه بشكل جيد بأنك إنسان متفهم ولديك الشجاعة في تفهم ما نصبو إليه.
كلنا يعلم بأن وزارة التربية هي أكبر وزارة في الكويت من حيث عدد موظفيها «المعلمين والمعلمات» أضف إلى ذلك الإداريين منهم، وكذلك هناك أكثر من 300 ألف طالب وطالبة، فلك أن تتخيل لو أن ربع هذا العدد قد أرسل رسالة واحدة فقط فكم من الوقت يحتاج إلى قراءتها والرد عليها؟
الخطوة بوضع «الخط المباشر المفتوح» يفترض فيها حسن النوايا وهذا ما نأمله، ولكن ألم يخطر ببالك «بوأنس» بوجود الشكاوى الكيدية وما أكثرها ؟مما قد يسبب ربكة في الميدان التربوي ولن أتطرق لها لأنها لا تعد ولا تحصى، مما يؤدي إلى ترسيخ العداوات والتصيد على بعض، أضف إلى ذلك بأن هناك الكثير من الشكاوى قد تتحدث عن أمور ثانوية وقد لا تتعلق بالأمور التربوية قد تأخذ منك الوقت والجهد في أمور أنت في غنى عنها بسبب حجم المسؤوليات الكبيرة، وقد تكون في مكتبك أيها الموظف ويأتيك اتصال بأن لديك تحقيقا في أمر معين لا تعرف عنه شيئا سوى أنه كيدي، فلك أن تتخيل الطوابير التي أصبح شغلها الشاغل توضيح بأن ما حصل معها ليس صحيحا وهو كيدي.
كلنا نعلم بأن هناك تسلسلا في عرض المشكلة من خلال القنوات القانونية، وقد يكون للبعض مصداقية في الشكوى، وهذا حق مشروع للمتضرر، فالواجب إعطاء صلاحيات لمديري المناطق التعليمية باتخاذ ما يرونه مناسبا في ضوء التفويض من قبل معالي وزير التربية، وإن أي شكوى سترسل لهم في نهاية المطاف، لأنهم أصحاب الاختصاص والجهة المكلفة لمتابعة الحالات وإعطاء الحل المناسب لكل صاحب حق.
جعل لدى الميدان التربوي شعور بأن «الخط الساخن» أعاد المركزية إلى وزارة التربية، وهذا أمر قد عملت وزارة التربية جاهدة لسنوات طويلة بالمناداة باللامركزية في كل أمر من أجل تسهيل العمل وسرعة الإنجاز، وبهذا الأمر قد عملت إلى تهميش إن لم يكن إلغاء دور المناطق التعليمية في متابعة الأمور التعليمية والإدارية وكذلك إلغاء ما يسمى إدارة العلاقات العامة وفروعها في المناطق التعليمية ودورها في تلقى الشكاوى المكتوبة وليست الشفوية من أجل التواصل مع صاحب الشكوى في حالة الضرورة.
ما قمت به بوضع الخط المباشر هي «سنة» قد تلغى من قبل وزراء آخرين فالكرسي لا يدوم لأحد، فلك أن تتخيل ما سيترتب عليه ذلك من شعور لدى الكثيرين بأن وزارة التربية ليست لها مصداقية فيما تنادي به.
وأخيرا، ما نأمله من وزيرنا «بوأنس» بأن يتراجع ويلغي فكرة «الخط المباشر» فلدي إحساس كبير بأنه لن يرضى بالخطأ حتى لو كان هو من أصدره، وكما أذهلتني شجاعتك في إلغاء القرار الوزاري فيما يتعلق باختبار الدور الثاني بعد أسبوعين من الاختبارات وإعادته في شهر سبتمبر من كل عام، وكذلك إلغاء بعض المواد في المرحلة الابتدائية أو دمجها مع مواد أخرى، وهما قراران أعتقد من وجهة نظري قد حالفهما التوفيق والصواب من الوزير المليفي.
آخر المطاف: الكثير يتساءل عن سبب تأخر الأعمال الممتازة ولماذا لم تصرف إلى الآن؟ رغم أن هناك معلمين تابعين «لوزارة الأوقاف» السراج المنير والدراسات الإسلامية قد تم صرف الأعمال الممتازة لهم بناء على الكادر الجديد للسنة الثانية، فما هو السبب ياترى في عدم صرفه للمعلمين والمعلمات في وزارة التربية لغاية الآن؟
[email protected]