سيدة في الخمسين من عمرها وابنتها تجلسان في قفص الاتهام والجماهير الغاضبة في القاعة تطالب بإعدامهما، وهنا يسأل القاضي الأم: لماذا قتلت ابنك؟ فلا ترد وتظل صامتة فيعمل القاضي المستحيل لجعل الأم تتكلم ويقول ان تهمتك واضحة وعقوبتك الاعدام، فلا تجيب الأم وتم رفع الجلسة للمداولة وقال القاضي لمعاونيه: هذه المرأة تحمل سرا وأشعر بأنها فاضلة، وبعد قراءته للقضية وجد أنها معترفة بقتل ابنها ولكن فجأة لفت أمر مهم انتباه القاضي وهو ان الشرطة عرفت بأمر الجريمة من حفيدة الأم وعمرها عشر سنوات، وهنا عرف القاضي أن مفتاح حل اللغز هو الطفلة، وابلغ القاضي ممن في القاعة بأنه تم تأجيل النطق بالحكم الى وقت آخر، وتم استدعاء الطفلة كشاهدة لمعرفة ما حدث فقالت: كان خالي يضرب جدتي كان يريد منها مالا، وفي أحد الايام قد دخل علينا وهو في حالة يرثى لها، وحاول أن يوقظني من النوم وقامت جدتي بالذهاب الى المطبخ وأحضرت سكينا وقامت بطعنه عدة مرات، وهنا اكتفى القاضي بما ذكرته الطفلة وعاد القاضي الى القاعة مع مستشاريه وطلب أن تكون الجلسة سرية ماعدا المتهمين والدفاع، وسأل القاضي الأم: هل ابنك مدمن مخدرات؟ فأجابت نعم وحاول أن يغتصب حفيدتي الصغيرة، واضافت: لقد توفي زوجي وأنا صغيرة فقمت بتربية ابني وأخته، وكلي أمل في أن يعينني ابني يوما ما، ولكن كان ابني فاشلا رغم محاولاتي الكثيرة معه ولكنه كان يكره الدراسة حتى انه كان يرفض تعلم أي حرفة، وتزوجت اخته وبقيت أنا مع الفشل وهو ابني، وفي يوم من الايام دخلت غرفته وإذ به يتعاطى «الهيروين» وقمت بالصراخ عليه كيف اصبحت كذلك؟ وفجأة قام وضربني على وجهي واصبح ابني الوحيد مدمنا للمخدرات، ماذا افعل؟ ربما يكون طيش الشباب وبعدها يرجع ويتوب، وفي يوم من الايام دخل علي فجرا ويريد أن يعتدي علي جنسيا وكان بلا وعي وقد مزق ثيابي وعندها هربت الى بيت ابنتي وكان قريبا منا، وابلغتها بما حدث طلبت مني أن اسكن عندها وبقيت عندها فترة من الزمن، واردت ان ارجع الى بيتي فقد يكون ابني قد مات من جرعة زائدة أو هاجر أو انتحر، تلك أمنياتي يا حضرة القاضي لابني، وذهبت مع ابنتي وحفيدتي الى البيت ووجدنا البيت خاويا من كل شيء فقد باع كل شيء من أجل ادمانه، وقمنا بتنظيفه وقد أتعبنا التنظيف ثم نمنا انا وابنتي وحفيدتي وفجأة استيقظت على صراخ ابنتي التي كانت تحاول أن تمنع اخاها من الاعتداء على حفيدتي، وذهبت الى المطبخ لاحضر سكينا لأغرسه في ظهر ابني مرات ومرات حتى مات، وبعد أن افقت من الهيستيريا عرفت انني قد قتلت ابني الذي طالما سهرت الليل لينام، وطالما اخرجت الطعام من فمي ووضعته في فمه، كم ليلة تألمت فيها ليرتاح هو، جلست أبكي على من ارضعته من ثديي، أبكي على من كان بطني له وعاء، وفخذي له فراش، أنا القاتلة والقتيلة، انا المذبوحة وانا الذابحة وانا المسكينة وأنا السكينة، وهنا قال القاضي: ترفع الجلسة للمداولة، وبعد فترة قال الحاجب محكمة ووقف الجميع احتراما للقاضي ثم جلسوا، وهنا قام القاضي يتلو حيثيات الحكم ثم قال: لهذه الاسباب حكمت المحكمة ببراءة المتهمة وابنتها، رفعت الجلسة.
كانت نهاية صعبة لتلك الاسرة ومأساة كبيرة لها، كانت المخدرات سببا في ضياع اسرة كاملة وضياع أموالها وقتلت أم ابنها الوحيد، فهل حرصنا على اولادنا من خطر تلك الآفة؟ من «موسوعة القصص المؤثرة» للكاتب أحمد بن سالم.
[email protected]