سامي الخرافي
لا أعلم حقيقة ما الذي يجعل ساحتنا التربوية تعج بالكثير من الأمور والقضايا التي تعاني منها شريحة كبيرة من مجتمعنا دون ان نجد لها الحلول المناسبة، رغم ان معظم مشكلاتنا ليست جديدة أو طارئة؟!
فكما هو معلوم أن قضية التعليم معني بها كل المجتمع، الطالب، وولي الأمر، والمعلمون، ومؤسسات المجتمع على اختلافها، والحكومات..الخ، فالتعليم إذن ليس من القضايا الهامشية، بل هو قضية أساسية ومحورية تتطلب تكاتف الجميع للارتقاء بها والنهوض بأجيالنا، لأنهم بناة المستقبل.
أسوق هذا الكلام، وأنا ألاحظ وأتابع عن كثب ما يعانيه الميدان التربوي من قضايا لا حصر لها، باتت تشكل معوقات في مسيرتنا التعليمية، وكم كنت أتمنى ان أكون أكثر تفاؤلا، وأسجل لميداننا التربوي تميزه، وأكيل له المديح والإطراء، لكنني كنت اصطدم بالواقع الذي يقول غير ذلك، ونحتاج الى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة لنجعل تعليمنا متميزا، كما في دول العالم الأخرى، ونحن الذين حبانا الله تعالى من الخيرات ما يؤهلنا لذلك.
فنحن، مثلا، منذ زمن بعيد نطالب بتغيير مناهجنا، وبدأ التغيير يحدث في كل عام، مرة نجرب منهج هذه الدولة، ومرة أخرى نجرب منهج دولة ثانية بعد ان أثبت السابق فشله، وهكذا.. ومازلنا نجرب ونجرب، حتى أصبح طلابنا حقلا للتجارب، ولم نتوصل بعد إلى منهج يواكب ما يحدث في العالم، ويتناسب مع طبيعة مجتمعنا، ولايزال التجريب مستمرا.
ونحن، أيضا، يتأخر عندنا العام الدراسي، وخصوصا في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، إلى أواخر شهر يونيو، في حين نجد كثيرا من الدول قد انتهى العام الدراسي في هاتين المرحلتين في أواخر مايو، دون أن ننسى حرارة الجو المرتفعة في بلادنا منذ بداية مايو، ما يجعل طلاب هاتين المرحلتين يعانون كثيرا من طول العام الدراسي ويشعرهم بالملل.
ونحن، كذلك، مازلنا نعاني من انتشار الدروس الخصوصية التي أثقلت كاهل الأسر الكويتية، وأصبحت تعتمد عليها اعتمادا كبيرا في ظل وجود هذه المناهج وكثرة الامتحانات، ما جعل أولياء الأمور في حالة استنفار كامل في البيوت، والاستعانة بالمدرس الخصوصي، حتى لطلاب المرحلة الابتدائية، الأمر الذي يرهقهم ماديا ومعنويا، وإذا كنا نشكر وزارة التربية على تنظيم مراكز رعاية المتعلمين التي خففت من أعباء ولي الأمر قليلا، إلا أننا نأمل ان تطلق الوزارة القنوات التعليمية، التي طال الحديث عنها، لكنها لم تر النور حتى هذه اللحظة، لما لها من فوائد كثيرة لأبنائنا الطلاب.
وكم كنت أتمنى ان نستفيد من بعض النظم التعليمية في بعض الدول المتقدمة، فأثناء زيارة لي الى كندا في دورة تدريبية، لاحظت ان نظامها التعليمي في المرحلة الابتدائية مثلا يعتمد على تعليم الطلاب القراءة والكتابة، حتى يتقنهما بشكل ممتاز، الى جانب الرياضيات والمواد الأساسية الأخرى دون اجراء اختبارات، ويؤهلون الطالب جيدا لدخول المرحلة المتوسطة، كما ان الطالب في المرحلة المتوسطة عندهم يحمل المادة التي لم ينجح فيها، ولا يتخرج من المرحلة إلا بعد ان يجتاز هذه المادة وينجح فيها.
وأكثر ما أعجبني في النظام التعليمي الكندي ان الطلاب يقضون ساعات معينة لخدمة المجتمع في المرحلة الثانوية، كالعمل في الجمعيات التعاونية أو مراكز الشباب..الخ، ولا يتخرج من المرحلة إلا بعد ان يجتاز هذه الساعات، لتجعل منهم مواطنين يفيدون المجتمع ويتحملون المسؤولية.
آخر الكلام: نأمل ان يشهد ميداننا التربوي الاستقرار على صعيد المناهج، وان نعيد النظر في الامتحانات، ومواعيد انتهاء العام الدراسي، واشكر كل العاملين في الميدان من معلمين وإداريين ورؤساء أقسام على جهودهم المبذولة خلال العام الدراسي، ومما يبشر بالخير ان لدينا كفاءات ممتازة قادرة على العطاء وتحمل المسؤولية، ومن هؤلاء مدير عام منطقة العاصمة التعليمية منى اللوغاني، ومراقب التعليم المتوسط عادل الراشد.
[email protected]