مع تسارع الحياة وفي ظل عالم امتلأ تعقيدا يكون الحنين لحياة البساطة التي عشناها سابقا كثيرا ما نشتاق لها لعدم وجود التكلف في الحياة ودون نفاق أو مجاملات وكل حسب إمكانياته ونبتسم وكما يقال: كل شيء نستطيع أن نمزقه إلا الذكريات فهي التي تمزقنا.
إن الحديث عن تلك المرحلة والتي ما زلنا نتحدث عنها وكأنها حدثت بالأمس هي مشاعر مختزلة لسنين طويلة تظهر بين حين وآخر، لقد كانت الأغلبية تعيش في بيت عربي عدد غرفه قليلة ولا يوجد ما يسمى غرفة ماستر ومرفقاتها وفي كل غرفة تجد مجموعة من الاخوة ومع ذلك كنا سعداء، وتكتمل السعادة قبل النوم عندما تبدأ الحروب بحدف «المخدات» على بعضنا البعض، وأيضا كان للعم أو الخال السمع والطاعة عند غياب الأب وكانت كلمتهما مسموعة وكان لديهما تفويض بعمل ما يرونه مناسبا لتصليح الوضع دون أخذ إذن الرجوع «للأب»، ومع ذلك لم نخرج عن طوعهما ولم نكن «معقدين» بالرغم من «تعدد الضربات» والتي تأتي من كل الجبهات والأمور طيبة ولله الحمد، وكانت الوجبات التي كنا نتناولها بسيطة جدا وقليلا ما كنا نطلب من المطاعم وأحلاها «مطعم هندي» لأنك إذا ما أكلت بالبيت «يا ويلك» والكلمة التي نسمعها دائما «تبي ولا بالطقاق» ولا أصابنا سكري ولا ضغط ولا سمنة.. الخ، كانت الرحلات الجماعية التي تحرص العائلة على القيام بها في فترة الصيف وخاصة في الفترة المسائية هو الذهاب للبحر والجلوس على «السيف» الجميل والجميع إما يسبح أو يلعب أو يصيد «قباقب»، ولم نكن نعرف شنو «شالية» وكانت الأمور طيبة، وكانت فترة الربيع هي الخروج إلى البر حيث البساطة في كل شيء وممارسة جميع الألعاب الخاصة بتلك المناسبة مثل «محيبس» أو «عظيم ساري».. الخ وكانت هناك تجمعات معروفة للعائلات وأماكنها محجوزة لا يتعداها أحد وكنت تستمتع بتلك الأجواء، وكانت حفلات السمر «شغالة» صح والكل سعيد بتلك الأجواء والكل محترم نفسه ولا يتعدى على الآخرين، لقد كان المصروف اليومي لا يتجاوز في أكثر الحالات «مائة فلس» ولكن فيه الخير الكثير، أما الربع دينار أوالدينار فهذا نراه فقط في الأعياد أو المناسبات ومع ذلك كنا سعداء بحياتنا ولم نصب بأي أمراض نفسية ولله الحمد والمنة، أما أصدقاء الطفولة فكانوا على قدر كبير من المسؤولية والاحترام والفزعة.. الخ وكانت الألعاب كثيرة ومتنوعة سواء للشباب أو البنات والحياة سعيدة وكان الشباب يحترمون بنات الفريج وكأنهن أخواتهن.
إن الماضي الجميل على بساطته كان رائعا بكل المقاييس وهو بالتأكيد لن يعود، ولكن الذكريات ستبقى إلى أن يحين الأجل فهي شيء فوق الإرادة وفوق القلب وفوق المشاعر لهذا فهي لا تنسى.
[email protected]