ليست الأمراض في الأجساد فقط، بل تجدها في السلوك والتصرفات، فتشاهد في حياتك أشخاصا لا تستطيع أن تألفهم مهما عملوا فيكون بينك وبينهم حاجز لا يمكن ان تخترقه مهما استخدمت من وسائل الهدم التقليدية فتشعر وكأنك تأكل «زعتر» على شكل بودرة فتشعر بالاختناق ولا يمكن أن يمر بسهولة من بلعومك.
في هذه الدنيا تقابل أجناسا من البشر لا تستطيع ان تتقبلهم مهما عملوا بسبب تصرفاتهم وأسلوبهم «المليق» فينطبق عليهم الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الارواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» رواه البخاري، فأحيانا تتمنى ان تنشق الأرض وتبلعك عند مشاهدتهم فتتجنب أيضا النقاش معهم، فتشاهد في الديوانية مثلا شخصا تتفق عليه الأغلبية بأنه «ثقيل طينة» وغير محبوب إطلاقا فتجدهم لا يفتحون معه أي حوار وكأنه أطرش بالزفة ويعتقد ومن هم على شاكلته بأنه صاحب فكاهة ودمه خفيف وسوالفه حلوة وإن وجوده مهم ومن دونه سوف تفقد الديوانية بريقها ويحسب نفسه كصابون «فيري» ينظف أقوى البقع وطبعا «على الطل»، ويتخيل له أن الجميع في الدور الأرضي وهو في الدور المليون وينظر لهم «بالدربيل» دون أن يشعر بأنهم يرونه أيضا صغيرا لأنه بعيدا عنهم، وصاحب الدم الثقيل غير مرحب به في أي مكان فتقرأ الأعين تتكلم: شعنده زايرنا اليوم «البايخ» وغالبا ما يحب الإفتاء بأي موضوع ويتحدث بكل ثقة وهو صاحب مصلحة ويتودد عند أصحاب النفوذ بشكل ممل من أجل مصلحته أو لكي يشعر بأنه مقرب ويتفاخر بأنه كان عند
فلان يعني «ديوانية» عروقها بالماي، وتجده في كل مناسبة «راز وجهه» دون حياء وبدون دعوة له والأدهى والأمر عندما يحضر معه نفس طينته إلى الديوانية فتنقلب الديوانية إلى «جحيم».
«ثقيل الطينة» تشاهده في عملك وفي الشارع وأيضا عند مراجعاتك للوزارات لتخليص معاملاتك وأكبر مصيبة عندما يكون من أقاربك.. إلخ، فنجد هناك اختلافا في كيفية التعامل مع هؤلاء فمنهم من يقوم بنهره بشكل مستمر وقد يطرده من الديوانية، والبعض الآخر يكلمه بأدب واحترام بدون تجريح عل وعسى يفهم ويحس، أما النوع الثالث فهو المسكين فلا يستطيع أن يعبر عن شعوره كنوع من الخجل ولا يريد أن يؤذي مشاعره فيصبر عليه، هؤلاء نسأل الله أن يشفيهم ونحمد الله الذي عافانا مما ابتلى به كثيرا من خلقه، فقد وصفهم أمير الشعراء أحمد شوقي أحسن وصف عندما قال:
سقط الثقيل من السفينة في الدجى
فبكى عليه رفاقه وترحموا
حتى إذا طلع الصباح أتت به
نحو السفينة موجة تتقدم
قالت: خذوه كما أتاني سالما
لم أبتلعه لأنه لا يهضم
[email protected]