في غزوة بدر الكبري بين الحق والباطل أشار الصحابي الحباب بن المنذر على الرسول صلى الله عليه وسلم بتغيير المكان في «بدر» عندما قال له: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلا أنزلك الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخرعنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال له: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي ادنى ماء من القوم فننزله فنجعل الماء من ورائنا فنمنع الكفار من الوصول للماء» كناحية حربية فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الرأي.
تلك الحادثة تبين أن رسولنا الكريم قد أخذ رأي صحابي في أمر مهم ولم يكابر ويتمسك برأيه على اعتبار انه رسول الله، ما جرني لذلك الحديث مع فرق المقارنة ما نراه من مسؤولين في دوائرنا الحكومية وكأنهم «جبارون» وفراعنة لا يسمعون لرأي أحد ولهم بالمناسبة مسمى يعرفون به وهو «أبونا» من وين طلعوا فيه ما أدري؟! وهو لا يمتلك من صفات الأبوة أي ذرة !! هؤلاء الفراعنة الجدد سبب بلاوينا بسبب أخطائهم التي لا تعد ولا تحصى ويجب على الجميع السمع والطاعة لأنهم لا يخطئون أبدا في نظرهم فقط!
إن تخلف تلك الدوائر الحكومية بسبب تلك النوعية من المسؤولين والتي لا تفقه من علم الإدارة إلا الاسم فقط، والمصيبة العظمى عندما تكون شهاداتهم مضروبة وما أكثرها فهنا تكون الطامة الكبرى، إن ذلك الفرعون ينبه على الجميع بعدم إصدار أي قرار في حالة غيابه لأن أي قرار سيصدر سيكون كارثة على الإدارة فيجب أن يطلع على كل صغيرة وكبيرة يعتقد أنه «قوقل» يعرف كل شيء بل يعتبر تلك الإدارة شركته الخاصة هو رئيس مجلس إدارتها!
وطبعا هناك الكثير من المنافقين ومساحي «الجوخ» عليهم السمع والطاعة لأن مصيرهم حسب معتقدهم البايخ راح يقطع رزقهم من ترقية وعلاوة.. الخ، إن هؤلاء الفراعنة يريدون رضا مسؤوليهم فقط لأن الكرسي بالنسبة لهم أهم من أي أمر آخر دون النظر إلى رضا الله سبحانه وتعالى وتسهيل أي إجراء للمراجعين والنتيجة كثرة الأخطاء التي يتخذونها والآخرون وهم ممن يعملون تحت إمرتهم صم بكم عمي!
متى نكون مثل قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع النصيحة؟ ومتى يأتي زلزال أو ينشق البحر ويبلع هؤلاء الفراعنة ويزيلهم من مكانهم الذي أتلفوه بسوء إدارتهم؟ ومتى نتعلم ونعترف بأننا على خطأ؟ ومتى نصحو على أنفسنا ونختار «القوي الأمين»؟
إننا نحتاج إلى أذن واعية من كل مسؤول بأن يسمع ويناقش ويحلل ويشارك الآخرين في جميع الأمور التي تهم أي مؤسسة، وكذلك يجب أن يعرف أنه مسؤول أولا وأخيرا أمام الله سبحانه وتعالى فهو يرى عمله، وأن يكون متعاونا مع الجميع، لا يتعصب لرأيه الفردي، يعتبر الجميع وكأنهم أسرة واحدة دون النظر ان هذا ولد فلان أو علان.. الخ، عندما تتوافر لدى مسؤولينا تلك الصفات أو غيرها نقول ان أمورنا بإذن الله طيبة ولله الحمد ولا يوجد لدينا «فرعون».
[email protected]