ما سأكتبه هنا هو قصة حقيقية وإهداء لكل زوجين شغلتهما الدنيا عن بعضهما البعض، يقول الزوج: لقد طفت العالم، وركبت الطائرات، أما زوجتي فإنها لم تركب الطائرة نهائيا، رغم مرور 20 سنة على زواجنا، لأنها في اعتقادي جاهلة لا تقرأ ولا تكتب، فما الحاجة لها أن تسافر في هذه الدنيا، وتناسيت أنها إنسانة!
أحس أخوها بأنه يجب عليه أن ينفس عن أخته بما يستطيع، فأخذها بسيارته القديمة من الرياض الى الدمام وأثناء طريق العودة توسلت الزوجة لأخيها أن تركب الطائرة التي يركبها زوجها والتي تراها في السماء والتلفزيون فقط قبل أن تموت، واستجاب أخوها لطلبها وقطع لها ولابنها تذكرتي سفر، وبعد أن وصلت الزوجة الى المنزل بدأت تتحدث مع زوجها عن المقاعد والمداخل والوجبات والأضواء في الطائرة، والزوج ينظر إليها باستغراب ودهشة، وكأن زوجته قادمة من كوكب آخر، ثم ذكرت له طريق الرحلة من الرياض إلى الدمام ومشاهدتها البحر لأول مرة في حياتها، وكانت تصف لزوجها الشوارع والمحلات والمطاعم، وكيف انها رأت السمك بأم عينيها لأول مرة في البحر، وقد اقتربت من الشاطئ، وصاد لها أخوها سمكة، ولكنها رحمتها وأطلقتها في الماء مرة أخرى.
وبعد فترة تذكرت الزوجة شيئا، وقالت لزوجها: لقد نسيت فأحضرت حقيبتها وأخرجت منها «عطرا»، وقالت له: هذه هديتي إليك، وكادت تنزل من عيني الزوج دمعة لأول مرة، فقد احس بالخجل لأنها أحضرت له هدية ولم تنسه في سفرتها الوحيدة واليتيمة، إن العطر الذي قدمته له يساوي كل المال الذي قدمه لها، واعتصر الألم قلب ذلك الزوج لأنه كان يسافر كثيرا ولم يتذكر، ولو في مرة واحدة فقط، ان يحضر هدية لها، وكان يرى فيها فقط الزوجة التي تغسل ثيابه، وتعد له الطعام، وتنجب له الأطفال، وتسهر عليه في مرضه، صابرة ودون ان يخطر في بالها يوما ان تقول له دعني أسافر معك، لأنها مسكينة، كانت تراه «فوق» بتعليمه وثقافته، لقد أحس بالألم والذنب وأنه سجن إنسانة بريئة مدة 20 سنة، ليس فيها يوم يختلف عن الآخر، فرفع يده إلى عينه يمسح دمعة، وقال لها كلمة، قالها لأول مرة في حياته، ولم يكن يتصور أنه سيقولها في يوم من الأيام، قال لها: «أحبك»، قالها من أعماق قلبه.. وتوقفت يدها عن ترتيب الحقيبة وتوقفت عن الكلام، وأحست بأنها دخلت في رحلة أخرى، أحلى من الذي ذكرته عن رحلتها من الرياض إلى الدمام والأسواق والبحر، رحلة الحب التي بدأت بعد عشرين عاما من الزواج بدأت بكلمة صادقة، ولأول مرة منذ عشرين عاما، فانهارت باكية!
عزيزي (الزوج) بعد أن قرأت القصة الحقيقية هل تستطيع أن تقول كلمة أحبك لزوجتك؟
[email protected]