أراد صديق أن يعمل طاولة طعام لعياله وبدلا من شرائها من أحد المحلات قام بشراء «عدة» بقيمة 90 دينارا، وصاحبنا عنيد وليس لديه أي خبرة في النجارة، ويريد أن يمشي اللي براسه وكان عنده في البيت «خزانة» لا بأس بها، قام بتكسيرها من أجل الاستفادة منها في صنع تلك الطاولة المشؤومة، وبعد التكسير والتحطيم خرج بطاولة أشبه ما تكون بصندوق طماط، وبعد التحلطم على الخسارة التي دفعها قام وعلى وجه السرعة بالذهاب لأحد المحلات المشهورة ودفع 250 دينارا من أجل شراء الطاولة.
هناك الكثيرون من الكويتيين أصبحوا خبراء في كل شؤون الحياة، وخاصة الشأن السياسي دون أي دراية أو خبرة، فما ان تسأل عن قضية سياسية حتى يأتيك الجواب بسرعة البرق وكأن لديهم دكتوراه من جامعة «هارفارد»، ولكن لأن الكلام ببلاش فمن العيب ألا أشارك في الحديث! فأصبح الحديث عن أي أمر هو «ترويح» لإشغال الفراغ الكبير الذي يعيشه الكثيرون، فأفضل عمل لسد هذا الفراغ هو إبداء الآراء وكأنهم خبراء في هذا الشأن كصاحبنا محطم «الطاولة، ولكي تتأكد بنفسك مما أقول اسأل عن أفضل علاج لمعدتك في الديوانية فستأتيك الإجابات من كل حدب وصوب لدرجة قد يكون علاجك أن تشرب «قاز» من أجل تسكين الألم، ويقول لك: انه مجرب وفعال! ومثال آخر: عندما كانت البورصة في عز نشاطها كانت تأتيك الأخبار بأن السهم الفلاني سوف يصعد وإن هناك خبرا مؤكدا بصعوده من ديوانية عروقها بالماي فتشتري ذلك السهم وتتفاجأ في اليوم التالي بأن ذلك السهم خسران وبكل جدارة، وحتى في الأسهم أصبحت الأغلبية تفهم فيها، والدليل أن أغلب من دخل البورصة يعانون من ويلات خسارة بسبب «فهامية» الكثيرين دون أي علم أو خبرة.
وأخيرا.. أصبح الكثيرون من الكويتيين بسبب الإحباطات التي يشعرون بها أو بسبب الحرية التي كفلها الدستور... خبراء في تحليل وإعطاء الحلول وهم يشربون قهوتهم بكل بساطة ! كما لا ننسى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مصدرا مباشرا للتحليلات والتي في كثير منها لا يقبلها عقل أو منطق، فلنبتعد عن التأليف وخاصة الأمور السياسية وندع أصحاب الاختصاص كل في اختصاصه يبدون آراءهم الفنية دون مزاحمة من أصحاب الترويح، فهل سيأتي ذلك اليوم عندما تتحدث عن موضوع معين في الديوانية يأتيك الجواب: «لا نعرف»؟!
[email protected]