الأسبوع الماضي كنت ذاهبا للمقبرة من أجل تقديم واجب العزاء لشخص عزيز علي وبعد الانتهاء من العزاء أردت الخلوة مع نفسي بين القبور من أجل الموعظة والتفكير في الآخرة، ولقد مررت بالكثير من المقابر ولكن لفت نظري قبر «أحدهم» وهي شخصية معروفة بالإضافة إلى أنها غنية جدا، وقفت أمام قبره وبدأت أكلم نفسي: يا ترى ما أمنية هذا الرجل لو عادت إليه الحياة مرة أخرى؟ ذلك الموقف جعلني أعرف أن الحياة مهما طالت فهم السابقون ونحن اللاحقون.
الحديث مع النفس في مثل تلك المواقف أو غيرها مهم جدا من أجل أن تعيد حساباتك وأفعالك وتصرفاتك.. تلك الشخصية المتوفاة هزتني جدا وعلمتني أمرا مهما وهو أنك مهما بلغت من غنى وسمعة وشهادة.. فهي أمور دنيوية تفتخر بها أمام الناس بأنك كذا وكذا ولكن أمام ربك فلن تغني عنك من الله شيئا.
ان الذي جرني الى هذا الموضوع هو رؤية الصراعات بين بعض الإخوة والأقارب، والخداع بين الناس، والتعالي والكبر والكذب والرشوة.. ولا يعلمون أو يتناسون أو يغفلون عن أنهم سيكونون - ان عاجلا او اجلا - هم انفسهم اصحاب هذا القبر الذي رأيته وطرحت السؤال على نفسي يا ترى ما أمنيته الآن؟
إن الحياة قصيرة جدا فليكن لك رصيد للآخرة، ولا تغتر بأنك ولد فلان أو صاحب شهادة أو من عائلة أو حتى بأنك مليونير، ما راح ينفعك كل ما سبق وذكرته غير عملك وما قدمت في دنياك من أجل آخرتك، أغمض عينيك عزيزي القارئ وقل: أين جدي أو جدتي أو من كان يحضنني وأنا صغير، أين هم الآن؟ لقد رحلوا عن هذا العالم، ولم تسأل نفسك بأنك ستكون مثلهم، فكروا شوي قبل فوات الأوان، فالدنيا فانية والآخرة باقية.
[email protected]