في خبر تناقلته إحدى الصحف العربية عن قيام آسيوي بمحاولة سرقة بقالة وتمت ملاحقته من قبل المارة ودخل ذلك الحرامي الصغير إلى شقة في إحدى العمارات فشاهده صاحب الشقة فقام بقتلة بمسدسه اعتقادا منه بأنه يريد أن يسرقه فمات ذلك الشاب لسبب تافه ودون أن يرتكب جريمة.
ذلك الحرامي «المردم» لم يعرف أصول اللعبة كحال الحرامية الكبار «الجهابذة»، وسألت أحدهم عن الفرق بين الحرامي الصغير والحرامي «المخضرم» فأجاب قائلا: من وجهة نظري إن المخضرمين لديهم قوة تحميهم، فيسرقون أي واحد وبأي وقت وبأي مكان برا وجوا وبحرا، لهم أكثر من غطاء يتحركون من خلاله فقد يكون سياسيا أو دينيا أو اقتصاديا..، ويعتبرون مثل «المقلاة» الحارة ممنوع أن تلمسها لأنها ستحرقك لأنهم «واصلين»، أما الحرامي الصغير فيعمل ليلا مثل «الخفاش» وغالبا ما يسرق بيوت «الكشخة» لأن بيوت الفقراء فاضية فاحتمال يحطلهم كيس خبز قبل لا يطلع رأفة بهم، ومسكين بسرعة ينصاد لأن عمله فردي ودون خبرة وتخطيط.
ويضيف صاحبنا: أن كل أنواع الفساد الذي تسمع عنه وتشاهده سببه المخضرمون الكبار، فتجدهم بشكل مكثف في الوزارات أو الهيئات ذات الطابع «الخدماتي» حيث الروتين والفوضى الذي أوجدوه من أجل مصالحهم ولمنع الرجل النظيف من منافستهم فيعملون على تعقيد معاملته حتى «تطق جبده» ويبتعد ليترك الساحة خالية لهم !! وتجد ان لعبهم وتفكيرهم وتخطيطهم.. جماعي وبسرية تامة «حرفنة» وممنوع منعا باتا أن تخرج من «الشراكة» لأنهم يعتقدون بأنك أصبحت «شريفا» وصحي ضميرك فتخرب عليهم كل شيء، هؤلاء لهم مراتب ومسميات وحصص في «البوقه» كل حسب قوته ونفوذه فكأنها شركة «مقفلة» تحكمها قوانين تخدمهم فقط، ويكون هناك تنسيق بين الشركات المقفلة الأخرى بحيث لا تتضارب مصالحهم مع بعض وتسبب مشاكل هم في غنى عنها !! وهل سمعت بأن فلانا من المخضرمين الكبار تمت إدانته وتم حبسه؟ الإجابة طبعا «لا» لأن لديهم مستشارين «فلته» يطلعونهم من أي مشكلة مثل الشعرة في العجين، لديهم تكتيك عجيب فينشرون نظرية بأن الفساد «منتشر» في كل مكان وصعب السيطرة عليه كل ذلك من أجل أن تتعايش الناس معه وترضى بالواقع !! ومن الغريب جدا بأن تجد من يساندهم سواء من السياسيين أو الإعلاميين.. وأكبر دليل تابع وسائل التواصل الاجتماعي تجد من يدافع عنهم بكل شراسة ويجعلونهم «ملائكة» ومنزهين وان تلك الهجمة سببها نجاحهم في مشاريعهم الضخمة !! كل ذلك الكذب مقابل «ضبطني وأضبطك»، وأعلم جيدا أنهم يستغلون سخونة الأحداث من أجل سرقاتهم لأن الناس مشغولة بتلك الأحداث وتتم صفقاتهم المشبوهة دون أي ضجة إعلامية وفضائح !!
وأخيرا.. يقول مؤسس سنغافورة «لي كوان»: نحن نحارب الفساد من قمة الهرم إلى أسفله، أما دول العالم الثالث فيمسكون اللصوص الصغار ولا يقتربون من المفسدين الكبار !!
[email protected]