دخل الديوانية بعد فترة غياب وكان «سعيدا» بتقاعده من عمله وبعد السلام والتحية قال: «قررت إكمال دراستي وأحصل على شهادة جامعية «محاسبة» أفتخر بها أمام أولادي ويفتخرون هم أيضا فيني فقررت أن «أنتسب» لإحدى الجامعات في جمهورية مصر العربية.
تلك الشهادة هي طموحي منذ فترة طويلة ولكن الظروف لم تكن تسمح لي في وقتها»، وما إن انتهى من كلامه حتى بدأت «الطنازة» عندما قال أحدهم: تخيل نفسك ذاهبا للتسجيل ويقول لك الموظف: أين ولدك الذي يريد التسجيل؟ فتقول له: أنا من يريد أن يسجل ويدرس، فيضحك الموظف بوجهك ثم يقول لك: هل عندك موافقة من «ولي أمرك»؟ أنت في عمرك يفترض أن تكون ملازما «للمسجد» وتنتظر «وفاتك» فالأعمار بيد الله.. فالدراسة هي للشباب وليس في عمرك.. فالواجب عليك أن تستعد لأسئلة «القبر» وعسى ربي أن يتقبلك ويغفر لك، فعمرك لا يسمح لك بدراسة المحاسبة يا عمي «الحاج» !!
هناك الكثير من الشعب الكويتي يعشق «الطنازة» وتحطيم «الفؤاد» فهم مستعدون لكسر مستقبلك بالإحباط والتظنز دون مراعاة لعواطفك «النبيلة» ومشاعرك الحساسة ويأتي لك ذلك «الخال» بالديوانية الذي إذا طحت بلسانه ما يرحمك فيقول للمتقاعد: إنت الحين في عمرك وعلى قولة المثل (ريل بالدنيا وريل بالقبر) وقاعد تفكر بالدراسة وإذا خلصت وحصلت على الشهادة الجامعية شنو راح تستفيد منها؟ هل راح تشتغل «كاشير» بالجمعية؟! أو إنك ستعلم أحفادك جدول الضرب.. وينهي كلامه قائلا: شرايك نروح العمرة بالسيارة وخل الدراسة حق «عيالنا» أو أحفادنا، فالدراسة راحت علينا فأنت في «عمر» يا الله حسن الخاتمة وأنت على مشارف الستين من عمرك من هو الذي راح يساعدك ويهتم فيك إذا سافرت القاهرة ؟ والمصاريف اللي راح تدفعها والنتيجة ماهي؟ شهادة تعلقها بالصالة والسلام، ويضيف قائلا: أكيد راح «تؤجر» سيارة إسعاف «وهي التي تذهب بك للجامعة وتأتي بك للشقة أو تسكن في جامعة قريبة من المستشفى لأن عمرك عرضة لجميع الأمراض والإصابات، فضروري الاحتياطات الطبية تحرص عليها.. يا عمي شيل من مخك الدراسة واقعد « انثبر» بالكويت.
وأخيرا.. هناك الكثيرون ممن تصدوا لأعداء النجاح وأصبحوا «مميزين» في دولهم ولم يكن «العمر» أو غيره عائقا بالنسبة لهم فأصبحوا ناجحين، إن أسهل أمر يتقنه الآخرون هو «إحباطك»، فلو كان صاحبنا المتقاعد في دولة «أجنبية» لرحبوا فيه وشجعوه ووقفوه بجانبه وأصبح من «المحاسبين» المشهورين، إن «أعداء النجاح» وهم المحبطون ليس مقصورا فقط على صاحبنا المتقاعد أو غيره بل عندما تفكر في إقامة «مشروع» الكل يحبطك ويقول لك راح تخسر والتجارة خسارة وتلف أعصاب.. والامثلة كثيرة !! يقول المثل: الصخور تسد الطرق أمام الضعفاء، أما الأقوياء فيستندون اليها للوصول للقمة.
[email protected]