سنوات مضت ليست ببعيدة كانت أمور الحياة تسير على «وتر» المحبة والتكاتف.. رغم ان الظروف المعيشية ليست كما هي الآن فأصبح الحنين يدخل علينا دون سابق إنذار فتجدنا نتعايش معه بالذكريات الجميلة ولبساطة الحياة، فكل ماهو ماضي فهو جميل، فالماضي لا يموت فهو يرسل إلينا رسائل بالصورة والصوت كل يوم لأحداث مازالت مدفونة في قلوبنا، فوجود الأحباب والأصدقاء الذين كانوا معنا بالأمس ورحلوا عنا تركوا في قلوبنا جروحا صعب جدا أن تزول رغم مضي تلك السنين الطويلة فابتسامتهم لن تفارقنا وأحاديثهم..
لقد طلت علينا قناة «القرين» والتي تحمل لنا تلك الذكريات السعيدة من مسلسلات جميلة ومطربين أوائل ولاعبين ولقاءات مميزة استحق كل هؤلاء بأن تحفر أسماؤهم في القلوب لما تركوه من تاريخ نشتاق إليه دائما، ومثلما يقولون أيام الطيبين، ما جعل في قلبي «غصة» على ما هو عليه حالنا اليوم، إن النفوس قد تغيرت في وقتنا الحالي رغم ان الأرض هي نفسها والرفاهية قد زادت وتسارعت، ولكن ما لا تستطيع أن تستوعبه هو لماذا زادت آلامنا وأمراضنا وتفرقنا؟! لقد أصبحنا نشعر بالوحدة رغم وجود الكثيرين بيننا!!
أصبحنا نتنافر من بعضنا لأي سبب كان وأصبح «التعميم» لدى الأغلبية يشمل كل من أخطأ بحق المذهب.. القبيلة.. العائلة.. بمعنى شخص من ذلك التيار يخطأ يتم التعميم على جميع من ينطوي تحت ذلك التيار!!
أصبحت الأمور «معقدة» فلم تعد تستطيع أن تميز بين رجل الدين الحقيقي والذي يدعي «التدين» ولم تعد تفرق بين الرجل الصالح ورجل المصالح، وأصبحنا نبحث ونلهث عن الكماليات ونسينا الأساسيات، لم تعد تفرق بين الصديق الحقيقي والصديق المؤقت، فتاهت عقولنا!!
تستغرب من سعي الكثيرين نحو تسمية «العيب» حرية شخصية والالتزام بالثوابت الشرعية والعادات والتقاليد هو «تخلف»!! وتستغرب سعي الكثير نحو اللقمة «الحرام» ويضع على مكتبه مقولة (هذا من فضل ربي) ولم يعد الخوف من العقاب الإلهي ذا أهمية!! ولم تعد النصيحة تنفع في وقتنا الحالي لأنها في نظرهم تدخل «شخصي» وعلى قولة القائل: كل ينام على الجنب اللي يرتاح عليه، أصبح الجمبازي واللي يلف ويدور هو المرحب فيه، أما الإنسان الشريف والأمين والصادق ولأنه لا يعرف يجامل فهو مكروه!!
وأخيرا.. الحديث عن الأمس القريب قد يطول، ولكن هذا بعض مما جال في خاطري، لست متشائما أبدا فما سردته هو عبارة عن سلوكيات قد طغت على جميع مسارات حياتنا وأصبحت تسبب الاشمئزاز والغثيان فتحاول أن تستأصلها، ولكنها كالموجة العالية لا تستطيع أن تواجهها بمفردك بل تحتاج إلى تكاتف الجميع لتجفيف تلك السلوكيات ونعيش بسعادة تحت مظلة حبيبتنا «أمنا» الكويت، وتبقى الذكريات بحلوها ومرها هي الركن الذي نشعر بالحنين له، ولقد أصبح غيم «الماضي يغطي» شمس الحاضر.
[email protected]