قرأت قصة تحكي عن معلمة طلبت من تلاميذها كتابة موضوع «تعبير» عام، وبعد تسلم الأوراق والبدء بتصحيحها، لفت نظرها تعبير يقول: يا ليتني موبايل، واندهشت للموضوع الذي يتحدث فيه التلميذ بشكل مثير عن أمنيته بأن يكون مثل «الموبايل» الذي يهتم به الجميع ويكون ملاصقا لهم، ويضيف التلميذ أن والديه مهما بلغ بهما التعب فإنهما يسارعان للإمساك بهذا الموبايل.
كتب التلميذ كلاما «يعور القلب» جعل تلك المعلمة «تبكي» بشدة لتقصير والديه، ولقد شاهدها زوجها تبكي وهي تصحح الأوراق فسألها عن السر فأعطته الورقة وبعد أن قرأها قال: لهالدرجة هذان الوالدان لا يهتمان بابنهما واهتما بالموبايل أكثر منه؟ فأجابت: أتعرف من ذاك التلميذ فأجاب: لا.. فقالت: إنه ابننا!
تلك المقدمة مأساة كل بيت بوقتنا الحاضر، وسوف أذكر لكم تجربتي مع حفيدي «عمر» ولكن بشكل مختلف حتى تكون «عبرة» للآخرين، فقد أصبح «مدمنا» لجهاز الآيباد منذ أن كان طفلا، فلقد تعودت أمه أن تضع أمامه ذلك «الجهاز» بالساعات ليسكت، وكلما تم أخذ الجهاز من أمامه بكى بحرارة مما يجعلنا نرجع له ذلك الجهاز حتى لا يفضحنا ببكائه! كان هذا هو الوضع في كل مكان نذهب إليه، فيجب علينا اصطحاب ذلك «اللعين» من أجل «عمر» حتى أصبح معزولا ولا يريد أن يشاركنا بالحديث واللعب لدرجة أن «النطق» قد تأخر عنده لأن لديه عالم جميل وهو «الآيباد» يشاهد المسرحيات والألعاب.. فأصبح خبيرا ما شاء الله عليه بالتصفح ومعرفة «أيقونة» اليوتيوب، ولكن بعد أن طفح الكيل بتأخر النطق عنده تم سؤال استشاري للأطفال عن تلك المشكلة فقال بالحرف الواحد: أبعدوا عنه الآيباد وإلا سيتأخر النطق بشكل كبير وستكون عواقب ادمانه للآيباد خطيرة على الصحة بشكل عام، وفعلا تم سحب الجهاز بعد معاناة شديدة وكأنك تعالج رجلا من الإدمان حتى رجع طفلا ورجع حفيدي «عموري» كبقية الأطفال ولكن يحتاج لبعض الوقت حتى نبعد عنه الآثار السلبية التي اكتسبها من ملازمته لذلك الأفيون وهو الآيباد.
المشاهد لأثر الموبايل على الكبار ينصدم من ارتباطهم به بشكل مخيف وأدى إلى وفاة الكثيرين وانعزالهم الكبير عن الجميع.. فما بالك بالأطفال! أصبحنا للأسف تحت رحمة تلك الأجهزة الحديثة التي أصبحت مسيطرة علينا جميعا دون أدنى شك! فمتى يأتي ذلك الوقت الذي نصحّ فيه من ذلك الإدمان؟ الله وحده أعلم.
[email protected]