لا شك أننا جميعا في الكويت ننشد الرقي والتطور في جميع المجالات، للنهوض ببلادنا وجعلها في مصاف الدول المتقدمة والراقية التي تضع المواطن الصالح غايتها وهدفها، والأساس الحقيقي لأي استثمار يمكن أن نقوم به.
وكما هو معلوم أننا لا نستطيع تحقيق ذلك ما لم ننهض أولا ـ وقبل كل شيء ـ بالمستوى التعليمي في البلاد، ونضعه على سلم أولوياتنا، ويكون ذلك هدفا حكوميا ونيابيا وشعبيا، بحيث يسعى كل هؤلاء إلى رفعة شأن التعليم باعتباره ركيزة أساسية لتقدم الدول، وهذا يتطلب جهدا كبيرا، ورؤية واضحة المعالم، من خلال الاستعانة بالخبرات الوطنية، والعربية والعالمية إذا تطلب الأمر، لانتشال وضعنا التعليمي مما يعانيه منذ سنوات ليست بالقليلة.
فتقرير رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير عن التعليم في الكويت، الذي حذر فيه من أن تعليمنا في خطر، أشار إلى أن إنفاقنا على التعليم يكاد يكون الأعلى عالميا، ورغم ذلك فإن مستوى تعليمنا لايزال متدنيا، ومازلنا في المراكز الأخيرة في الاختبارات الدولية (كالرياضيات والعلوم واللغة العربية)، مما يضعنا في دائرة الخطر، ويتطلب منا دق جرس الإنذار، والالتفات إلى هذا الأمر بجدية وروح المسؤولية.
فمناهجنا التي طالبنا كثيرا بتغييرها، تم تعديلها إلى الأسوأ، وكان التغيير لمجرد التغيير فقط، ولتحقيق مطالب الكثيرين الذين طالبوا بذلك، دون النظر في المحتوى، أو استشارة أهل الميدان من المتخصصين، وفيما إذا كانت تناسب المرحلة العمرية للطلاب، فازداد الأمر سوءا على سوء. كما أن زيادة عدد الحصص اليومية، في ظل عدم وجود بيئة مدرسية جاذبة، جعل طلابنا يترقبون لحظة قرع الجرس للانصراف إلى منازلهم، أضف إلى ذلك ان مهنة التعليم للكويتيين أصبحت مهنة طاردة، حيث يجد خريجو كلية التربية أن الانخراط في عمل آخر ووزارة أخرى، وبما فيها من مميزات، أفضل بكثير من ممارسة مهنة التعليم وبلاويها.
إن الجهود التي تبذلها وزارة التربية لإصلاح التعليم كبيرة ويشهد لها الجميع، كما أن ما تنفقه حكومتنا على هذه القضية من مبالغ طائلة لا يمكن أن ينكره أحد مقارنة مع الدول الأخرى، وما يريده كل منا هو النهوض بمستوى تعليمنا وإصلاحه. إلا أن هناك أسئلة تؤرقني وتشغلني كثيرا ومازلت أبحث عن إجابات مقنعة عنها، وهي: إذا كنا فعلا نحن نفعل كل ذلك من أجل التعليم فأين الخلل إذن؟ ولماذا لا نزال نراوح مكاننا ولم نتقدم بعد ولو خطوة واحدة في طريق الإصلاح؟ وهل من الممكن أن نكون قد وصلنا إلى مرحلة مستعصية أصبح الإصلاح فيها بعيد المنال؟ ومتى نأخذ بكل التوصيات والدراسات والتقارير التي حذرتنا من تدني تعليمنا ووضعت لنا سبل العلاج التي لم نلتفت إليها؟.. أفيدونا أفادكم الله وأدام فضلكم.
[email protected]